الفقراء هم من يقتلون الفقراء!!

لا اريد الخوض في عبارات الإشادة أو الاستنكار ولكني فقط أريد الرد على الأخ علاء الأسواني في مقاله الذي نشر في جريدة الشروق (من يقتل الفقراء في مصر؟!)، وأجد أن الواجب يحتم كتابة هذه السطور.. وما أرجوه أن يتفكر القراء في وجهة نظري علها تكون مفيدة.

القصة التي سردها الأسواني عن الإهمال والفساد مؤسفة ومحزنة ومشينة.. وأيضا متكررة في المستشفيات والمصالح الحكومية وحتى الخاصة في كل مصر تقريبا اللهم فيما ندر جدا جدا.. والقصة باختصار لمن لم يقرأ مقال الأسواني تتحدث عن حادث تعرضت له إحدى المواطنات وعندما نقلت للمستشفى الأميري في الاسكندرية لم تلق أي رعاية رغم وضعها الحرج وكادت تفقد روحها لولا لطف الله ونباهة زوج اختها.. والحديث هنا ليس عن هذه القصة ولكن عن ( من يقتل الفقراء؟).

الزميل الاسواني حمل في مقاله الجهات الحكومية ما يحدث من إهمال وفساد وهو رأي ورد فعل طبيعي ومتكرر نقرأه ونسمعه كثيرا في عصرنا هذا.. وهو أن نحمل الحكومة ما يحدث.. ولكني وبعد أن فقدت الأمل في الإصلاح الحكومي وبشكل عقلاني وشديد المنطقية أجد أن ما ذهب إليه الأسواني أصبح الآن أمر خيالي وغير واقعي ولا عملي.. فالأمور أصبحت محسومة ولا أمل في الأصلاح من أعلى قمة الهرم.. يا سادة الحكومة مشغولة بنفسها.. والفساد استشرى لدرجة الوباء ولا يمكن السيطرة عليه.. لذلك لابد من العودة لقاعدة الهرم والاصلاح من القاعدة (أنفسنا) قبل أن نطالب الحكومة -التي لا تسمع- بالاصلاح.. فلا اقالة وزير تصلح ولن حتى يجدي تنحي الرئيس أو قدوم البرادعي أو حتى المهدي المنتظر.

ياسادة.. يا من تسمعون.. بالله عليكم اصلحوا انفسكم أولا قبل الاعتراض والامتعاض والجمل الاعتراضية التي يطلقها زميلنا الاسواني.. وعن نفسي أرى أن الحل ليس في الديمقراطية كما يقول الاسواني.. فكيف تمنح الديمقراطية لأناس لا يعرفون معناها.. لأناس ينتخبون الاقرباء وأبناء الجيران وأصحاب المال لمصالح خاصة آنية.. ويمنحون صوتهم دون تعقل أو تفكير أو تقييم لمن يختاروا.. الحل في أن نصلح أنفسنا.. وأن نعتبر أنفسنا الحكومة والمسؤولين عن كل كبيرة وصغيرة في بلدنا.. الحل في أن يقوم كل منا بدوره على أكمل وجه.. فالطبيب يقوم بدوره في ظل المتاح ولا يتنصل من مسؤوليته لأنه -لا توجد امكانيات- والحل في أن يقوم موظف الاشاعة الذي تحدث عنه الأسواني بدوره.. وأن يقوم العامل بدوره.. والصحفي بدوره.. وأن يقوم كل شخص منا بدوره بما يرضي الله.. لو فعلنا هذا سيستشري الإصلاح.. وسينصلح حال الفاسد رغما عنه.. لأنه لن يجد من يساعده على فساده.. ابدأ بنفسك.. شعار علينا أن نتمسك به ونعمل عليه ولا نيأس منه مهما واجهنا من احباط.. ومهما وجدنا من ظلم وفساد ومحسوبية.. صدقوني لا خلاص إلا بإصلاح أنفسنا وبأن نساعد بعضنا البعض ونحب بعضنا البعض مهما حدث.. وأن نأخذ الأمور بجد واجتهاد.. ولا نترك الفساد يستشري والاهمال يتزايد والنفوس تضعف.

الخلاص لا بالرئيس ولا بالحكومة.. الخلاص ليس في وزير اصلاحي.. فماذا يفعل هذا في ظل عامل مهمل وطبيب نائم وموظف فاسد مرتشي.. هل سيحاسب كل هؤلاء ويقطع أعناقهم.. وهل سيكون على درجة من الفطنة تسمح له بمحاسبة كل مهمل فاسد ومكافأة كل مجتهد شريف.. نحن سبب البلاء في مصر.. ونحن من نفعل هذا بأنفسنا.. فكل شخص يلعن الحكومة والظروف والفساد.. وتجدنا نحن أول المفسدين والمهملين في أعمالنا.. عزيزي القاريء.. تابع نفسك.. وأتحداكم لو قيمتكم أنفسكم بحيادية ستجدون أن منكم 90 في المئة على الأقل مفسدين ومهملين ولا تقومون بأعمالكم على الوجه الأكمل.. وستجدون أنكم تتحايلون على القوانين وتلجأون للمحسوبية لأخذ ما ليس من حقكم.. ولا استثني نفسي من هذا البلاء.. أنا لا أنكر أن للحكومة والمسؤولين دور مهم.. لكن ماذا نفعل إن هم تخلوا عن دورهم.. هل نظل نلعن الظلام أم نشعل شمعة ولو صغيرة وتخيلوا معي ماذا يحدث لو 80 مليون شمعه أشعلناها في مصر دون الاستعانة بكهرباء الحكومة.. أكيد مصر ستكون وقتها أفضل دول العالم وأكثرها إشعاعا ونورا وبهجة وبهاء.

عزيزي الأسواني وكل من تمتهنون الكتابة في مصر.. دوركم كبير في توجيه الشعب ليشعلوا الشموع في هذا الليل الدامس لتعود مصرنا شمسا للحضارة والتاريخ وأيضا المستقبل.

الصحفي/ أسامة جلال

مؤسس موقع مصريون في الكويت