نقيب المحامين .. يخالف قانون المحاماة!
بداية فإن المادة الأولى من قانون المحاماة رقم 17لسنة1983المعدل بالقانون رقم 197 لسنة2008م عرفت مهنة المحاماة بأنها:
"مهنة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وفي تأكيد سيادة القانون وفي كفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم.
ويمارس مهنة المحاماة المحامون وحدهم في استقلال لا سلطان عليهم في ذلك إلا لضمائرهم وأحكام القانون ".
كما نصت المادة الثانية من قانون المحاماة سالف البيان على أنه:
" يعد محامياً من يقيد بجداول المحامين التي ينظمها هذا القانون وفيما عدا المحامين بإدارة قضايا الدولة يحظر استخدام لقب المحامي على غير هؤلاء".
إلا السيد نقيب المحامين تفتق ذهنه وأيده في ذلك من يسير على دربه واشترط لتجديد اشتراكات عام 2017م أن يتم تحديث بيانات المحامين المقيدين بسجلات جداول النقابة وذلك للتأكد من مزاولة مهنة المحاماة داخل أراضي جمهورية مصر العربية وزعم أن ما ذهب إليه هو نفاذاَ لنصوص قانون المحاماة رقم17لسنة1983م وتعديلاته.
وبالرجوع إلى قانون المحاماة نجد أن نقيب المحامين ومن يدعمه في توجهه هذا قد افتأتوا على هذا القانون بوضع قيداً ليس له ما يبرره ولم يورده القانون لا صراحة ولا ضمناً وهو وجوب أن يقوم المحامي الذي يرغب في سداد اشتراك2017م باستخراج شهادة تحركات فإذا ما جاءت الشهادة إيجابية يتم نقله إلى جدول غير المشتغلين.
والسؤال هل نقيب المحامين يفسر نصوص قانون المحاماة وفق الميل والهوى دون أدني اعتبار للالتزام بالقواعد القانونية الواجبة الاعتبار في تطبيق النص القانوني؟
وانطلاقاً من هذا السؤال سوف نبين وبجلاء مدى الخطأ الفادح الذي وقع فيه نقيب المحامين وأن قانون المحاماة الذي يعتصم به في قراره المعيب لا يؤيد رؤياه فيما اتجه إليه من وضع قيود ليس لها ما يبررها وماهي إلا بمثابة ليّ عنق نصوص القانون وذلك من خلال تسليط الضوء على ما يلي:
أولاً: تنص المادة(43) من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 197 لسنة2008م على ما يلي:
" للمحامي الذي يرغب في اعتزال المحاماة أن يطلب إلى لجنة قبول المحامين المنصوص عليها في المادة(16) نقل اسمه إلى جدول المحامين غير المشتغلين.
وعلى المحامي أن يطلب ايضا نقل اسمه إلى جدول غير المشتغلين إذا تولى إحدى الوظائف أو الأعمال التي لا يجوز الجمع بينها وبين المحاماة وإذا كف عن مزاولة المهنة يتعين عليه أن يخطر لجنة القبول بذلك خلال ثلاثين يوماً.
وعلى الإدارات القانونية في الجهات التي يجوز لمحاميها مزاولة أعمال المحاماة طبقا لأحكام هذا القانون إخطار النقابة بأي تغير يطرأ على أعضاء هذه الإدارات بما يستوجب نقل اسم العضو إلى لجنة غير المشتغلين".
وبالتالي فإن النقل إلى جدول غير المشتغلين بموجب هذا النص يخضع لإرادة المحامي المنفردة أو في حال ما إذا تولى وظيفة تتعارض مع العمل بمهنة المحاماة أو كف عن مزاولة المهنة.
ثانيا: تنص المادة(44) من قانون المحاماة سالف البيان على أنه:
" لمجلس النقابة بعد سماع أقوال المحامي أو بعد اعلانه في حالة تخلفه عن الحضور أن يصدر قراراً مسببا بنقل اسمه إلى جدول المحامين غير المشتغلين إذا فقد شرطاً من شروط القيد في الجدول العام المنصوص عليها في هذا القانون.
ويكون للمحامي حق الطعن أمام الدائرة الجنائية بمحكمة النقض في القرار الذي يصدر في هذا الشأن خلال أربعين يوما التالية لإعلانه بهذا القرار".
وهنا ومن خلال ذلك النص إذا تبين لمجلس نقابة المحامين أن المحامي فقد شرطاً من الشروط الجوهرية التي يتطلبها القيد بالجدول العام أن ينقله إلى جدول المحامين غير المشتغلين وأعطى النص للمحامي الذي تم نقله عن طريق مجلس النقابة إلى جدول غير المشتغلين أن يقوم بالطعن على ذلك القرار أمام الدائرة الجنائية بمحكمة النقض وذلك كي يكون ذلك النقل خاضعاً لرقابة القضاء وليس مطلق رؤية النقيب أو مجلس النقابة درءاً للميل والهوى وبعداً عن فساد المرام.
وبالرجوع إلى شروط قيد المحامي بالجدول العام التي نصت عليها المادة سالفة الذكر والتي يتعين أن تظل شروطاً جوهرية مصاحبة للمحامي طوال مدة اشتغاله بالمحاماة نجدها تمثلت فيما يلي:
1-أن يكون متمتعاً بالجنسية المصرية.
2-أن يكون متمتعاً بالأهلية المدنية الكاملة.
3-أن يكون حائزاً على شهادة الحقوق من إحدى كليات الحقوق في الجامعات المصرية أو على شهادة من إحدى الجامعات الأجنبية تعتبر معادلة لها طبقا لأحكام القوانين واللوائح الجامعية المعمول بها في مصر.
4-ألا يكون قد سبق صدور حكم عليه في جناية أو جنحة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الأخلاق ما لم يكن قد رد اعتباره إليه.
5-أن يكون محمود السيرة وحسن السمعة أهلاً للاحترام الواجب للمهنة وألا يكون قد صدرت ضده أحكام جنائية تأديبية أو اعتزال وظيفة أو مهنة أو انقطعت صلته بها لأسباب ماسة بالشرف أو الأمانة أو الأخلاق.
6-ألا يكون عضوا عاملا في نقابة مهنية اخرى.
7-أن يسدد رسم القيد والاشتراك السنوي طبقا لأحكام هذا القانون.
8-ألا تقوم بشأنه حالة من حالات عدم جواز الجمع الواردة في المادة التالية.
ويجب لاستمرا قيده في الجدول توافر الشروط سالفة الذكر.
فإذا ما نظرنا إلى حالات الجمع نجد انها منصوص عليها بالمادة (14) من قانون المحاماة بإيراد ما يلي:
" لا يجوز الجمع بين المحاماة والأعمال الأتية:
1-رئاسة مجلس الشعب أو مجلس الشورى.
2-منصب الوزارة.
3-الوظائف العامة في الحكومة والهيئات والإدارات المحلية والوظائف في شركات القطاع العام أو الوظائف الخاصة فيما عدا العمل بالإدارة القانونية المصرح بها بذلك طبقا لأحكام هذا القانون وفيما عدا اساتذة القانون في الجامعات المصرية في الحالات التي يجيزها هذا القانون ولا تعد العضوية في اللجان الحكومية العلمية أو المؤقتة بمهام ذات صفة عرضية لا تستغرق أكثر من ستة شهور أو الندب لتدريس القانون في الجامعات والمعاهد العليا وظيفة يحظر معها الجمع بينها وبين المحاماة ".
أما الفقرة الثانية من المادة(45) فقد نصت على أنه:
" وفي جميع الأحوال يشترط ألا يزيد انقطاع المحامي عن ممارسة أعمال المحاماة أو الأعمال النظيرة لها خمسة عشرة سنة مع عدم الإخلال بحقه في أن يطلب إعادة قيده من جديد في الجدول العام إذا توافرت شروط القيد ".
والفقرة المشار إليها ذكرت الانقطاع عن ممارسة المهنة ممارسة فعلية ولم تشر من قريب أو بعيد إلى التواجد خارج البلاد من عدمه طالما ثبت من خلال المستندات أن المحامي في حال انقطاعه سواء بالداخل أو الخارج كان يعمل أعمالا نظيرة فالمنطق العقلي يقتضي في مثل هذه الحالات أن يكلف المحامي بإحضار شهادة رسمية موثقة من جهات الاختصاص تثبت أنه كان يعمل أعمالاً نظيرة سواء أكان داخل البلاد أو خارجها خصوصاً وأن معظم الدول العربية كافة قوانينها وإجراءاتها تتطابق مع قوانين مصر وإجراءاتها بل أن القاضي الذي يجلس على المنصة في هذه الدول قاضي مصري وحينما يعود إلى مصر يكون محتفظاً بترقيته ودرجته وتظل عضويته بنادي القضاة محفوظة طالما أنه يسدد الاشتراكات السنوية ومن هؤلاء القضاة من يعمل بالدول العربية لأكثر من خمسة عشرة عاماً
فلماذا نقابة المحامين تكون بدعاً وتثقل كاهل أعضاءها سواء بالداخل أو الخارج ومما هو جدير بالذكر فإن المحامين المتواجدين بالخارج قد وفروا على النقابة مصاريف العلاج وتكاليف المصايف السنوية وكافة الخدمات التي يحظى بها المحامي بالداخل رغم أن المحامي الذي يعمل بالخارج يقوم بسداد الاشتراكات عن هذه الخدمات ولا يستفيد بأي منها وهذا في حد ذاته يحدو بالنقابة أن تحسن خدماتها للمحامين بالداخل إن كان مجلس النقابة يسعى حقيقة لصالح جموع المحامين لا أن يحارب العاملين بالخارج ويعتبرهم منبوذين ولا ينتموا إلى عضوية النقابة بهذا الشكل المزرى الذي ينم عن جهل مضجع بتفسير نصوص القانون بطريق استعراض العضلات إذ أن الحكم على قطاع عريض من أعضاء النقابة العاملين بالخارج بنقلهم إلى جدول غير المشتغلين فيه أهدار لحقوقهم وتخصيص لنصوص القانون بلا مخصص وانتهاج مصلحة شخصية بحتة لأعضاء مجلس النقابة بما فيهم النقيب لضمان الأصوات الانتخابية في الانتخابات القادمة ويضمنون بقاءهم جاثمين على قلب المحامين.
ومن جماع ما تقدم نجد أن قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983م وتعديلاته لم يورد نصاً يوجب نقل المحامي الموفد بالخارج للعمل في مجال القانون أن ينقل إلى جدول غير المشتغلين خصوصا إذا ما كان مواظباً على سداد الاشتراكات السنوية المتطلبة ولم تقم بشأنه حالة من الحالات التي نصت عليها المادتين(44,43) من قانون المحاماة ومن المعلوم أنه لا اجتهاد أمام وضوح النص ولا يجوز أن يصدر قرار – أي ما كان مصدره – ليعطل نصوص قانون واضح الدلالة وإلا كان الأمر بمثابة عبث لاسيما وأن مجلس نقابة المحامين ليس مشرعاً وإنما هو مجلس الغرض منه تحقيق الصالح العام لجموع المحامين المقيدين بالجدول العام ولا ينحاز لفئة ضد أخري وأنه مجلس ينأى بنفسه عن الحزبية والتعصب والعنصرية البغيضة كما أن نقيب المحامين يتم اختياره بطريق الانتخاب من قبل الجمعية العمومية ودوره حددته المادة(137) من قانون المحاماة سالف البيان بالنص على ما يلي:
" نقيب المحامين هو الذي يمثل المحامين ويتكلم بأسمائهم ويحافظ على كرامة النقابة وكرامة أعضائها ويراعى الالتزام بتقاليدها ويشرف بوجه عام على سير اعمال النقابة وفق احكام هذا القانون وله أن يتخذ صفة المدعي أو أن يتدخل بنفسه بواسطة من ينيبه من المحامين في كل دعوى تتعلق بكرامة النقابة أو أحد أعضائها".
ومن ثم فإذا ما حاد نقيب المحامين عن وظيفته المنوط به القيام بها وفقاً لقانون المحاماة والواردة على سبيل الحصر فلا مناص أمام أعضاء الجمعية العمومية للمحامين إلا أن يتقدموا بطلب سحب الثقة منه وهو ما أوردته المادة (129) من قانون المحاماة والتي تشترط لسحب الثقة من النقيب توافر عدد لا يقل عن ألف وخمسمائة عضو وتكون رئاستها لأكبر الأعضاء سناً على ألا يكون من أعضاء مجلس النقابة وهو ما يتعين فعله الآن وفوراً في مواجهة سامح عاشور ومجلسه وكفانا عبثاً وتهريجاً وافتعال قضايا جانبية لا تغني ولا تسمن من جوع ولن تفيد القطاع العريض من المحامين ولكنها تبث الفرقة والانقسام بين أعضاء الجمعية العمومية وهو ما لم يحدث منذ نشأة تلك النقابة العريقة والتي تولى سدتها أساتذة من شيوخ المحامين نجلهم ونكن لهم كل احترام وتقدير ولا نزال نذكرهم بكل إعزاز وفخر وكبرياء وندعو لهم بالرحمة والغفران.