لعلي أخيب ولو كنت أخيب، فلا عجب إذا خبت اليوم، هناك رسالة إلى شباب العرب حتى لا يخيب ظني بهم. ولعلني أرى البعض فيهم فصيح اللسان والفكر السليم، فقد يطمئن العرب على مستقبل شباب العرب. هؤلاء هم الشباب الوطني المخلص الذي يحب وطنه ويضحي من أجله وفي سبيل رفعة وإعلاء شأنه، هؤلاء هم الشباب الذين يحترمون بلادهم وقانون بلادهم ويخافون على مستقبل بلادهم وأمتهم ولا يؤذون بلادهم مهما حدث، أنما هم أو البعض منهم يضحون بالغالي والنفيس من أجل أن يكونوا عبرة وصورة حقيقية معبرة عن شباب واعي وناضج الفكر المستقيم، شباب لا يميلون إلى التطرف والإرهاب والتخريب، شباب أندر من النادر أن تجدهم وأقل القليل.
 
بلا شك إن خدمة الإنسانية اليوم هي في أشد الحاجة إلى شباب عربي وأناس يضحون بإمكانياتهم ومستقبلهم في سبيل تحويل تيار العالم من الشر إلى الخير وخصوصاً في أمتنا العربية أولاً، فلا بقاء للإنسانية بدون هؤلاء. إن الأمم المتحضرة المنصرفة بزمام العالم المتمدن، لا تستطيع بحكم حياتها المصطنعة المترقة أن تتعرض للخطر وتتحمل المتاعب والمصاعب في سبيل أن تنهض دولاً أخرى للإصلاح والبناء وخدمة الإنسانية البائسة والذين يطالبون دائماً بحقوق الإنسان ولا تستطيع أيضاً أن تضحي بشبابها بشئ من دقائق مدنيتها وتأنقاتها في الملبس والمشاكل، وأن تتنزل عن حظوظها ولذاتها وزخارفها فضلاً عن حاجاتها، وأنه لا يوجد فيها أفراد يقوون على قهر شهواتهم، والحد من طموحهم والزهد والفضل في الحياة ومطامع الدنيا، والقناعة بالكفاف، ولكن عندما تنظر إلى أمتنا وشبابها فأنها أمة تضطلع بأعباء كثيرة وتقوى على التضحية والإيثار، تلك هي الأمة العربية القوية السليمة بشبابها السليم الذين هم أبر الناس قلوباً وأعمقهم علماً وأقلهم تكلفاً، تلك هم الشباب الذين يحبون وطنهم ويضحون من أجله ويا ليت كل الشباب مثل هؤلاء. مما لا شك فيه إن العالم لا يسعد وخيرة الشباب في بعض العواصم العربية عاكفون على شهواتهم تدور حياتهم حول المادة والمعدة لا يفكرون في غيرهما، ولا يترقون عن أعباء الوطن والأمة، ولقد كان شباب بعض هذه الأمة ضحوا بمستقبلهم في سبيل المبادئ التي اعتنقوها التي هي أكبر منهم نفساً وأوسع منهم فكراً. إن سعادة الوطن والأمة، بل البشرية أجمع تقف على هؤلاء الشباب وما يقدمونه من تضحية وإيثار وما يتحملونه من خسائر ونكبات وضحوا في سبيل المصلحة الاجتماعية وفي سبيل أن تستقيم البشرية وسعادة البشرية وصلاح العالم. فقد أراد الله بالإنسانية خيراً وتشجع العرب بما فيهم من روح الإيمان العالية والإيثار، فقدموا أنفسهم فداء للإنسانية كلها وزهدوا في مطامع الدنيا طمعاً في سعادة الآخرين من النوع الإنساني الآخر وضحوا بكل ما يحرص عليه الناس من مطامع وشهوات وآمال وأحلام، فهؤلاء الشباب الذين فنوا أعمارهم فداءً لأوطانهم وقابلوا بصدورهم المتفجرات من أهل الشر، حرصوا على أن يضحوا بأنفسهم في سبيل أن يعيش آخرون، فأخلصوا العمل لله. فكان مصيرهم الشهادة والجنة عند رب العالمين، إن أمتنا العربية وشبابها العربي لا يمكن أن يصل إلى السعادة إلا على قنطرة من جهاد ومتاعب يقدمها هؤلاء الشباب المخلصين من خيرة الأمة، وإن الأرض لفي حاجة إلى سماد، وسماد الأرض العربية الذي تصلح به وتنبت زرعه هي المطامع الفردية التي يضحي فيها الشباب العربي في سبيل علو مكانة الأمة العربية وبسط الأمن والأمان والسلام على الأمة وأوطانها. وانتقال الناس من الطريق المؤدي إلى الشر إلى الطريق المؤدي إلى الخير. شباب العرب عليهم أن يستعيدوا مكانة الأمة وأوطانها اللائقة بهم وأن يحافظوا على مكانتها لما لها من أهمية كبيرة جداً، لأن الوطن يلعب دوراً كبيراً في تاريخ الإنسانية ولأنه يحتضن منابع كثيرة من الثروة والقوة، ولأنه وصلة بين أوروبا وأمريكا وبين الشرق، وهو قلب العالم النابض بل أمتنا العربية نابضة بالروح والدين ويدين في حبها وولائها، فالعالم العربي هو شعور عميق لقومية عربية التي ضاقت وأختفت الآن، وربما يعيدها هؤلاء الشباب العربي مرة أخرى إلى وطن عربي ومجد عربي. فعلاً الشباب العربي هو النعيم الحاضر والغد المضمون، هو فعلاً الثمن القليل جداً لسلعة غالية جداً. محمد شوارب كـاتب حـر mohsay64@gmail.com