قبل أن تقرأ:خرج علينا رؤساء سابقون بأكاذيب كثيره ، أكاذيب عن الديمقراطيه ، والحريه واحترام الرأي والرأي الآخر.فالسادات - مثلاً- ذهب مرصعاً بنجومه اللامعه، وفأسه الحديديه ليضرب بها جدار السجن الحربي الشهير،مدعياًتدميرها إلى الأبد، ولكنه ذهب للقاء ربه عام 1981 وسجونه ومعتقلاته تمتليء ب1635. معارضاً.. من سراج الدين وهيكل الي أصغر كادر في الحزب الشيوعي انذاك!!. مات السادات ولكن ديكتاتوريته لم تمت..وإنما أورثها لخليفته " مبارك"! ومع أن عبد الناصر لم يضبط متلبسا بإطلاق "بذاءات" على خصومه ،اللهم إلا رده على شتائم "انتوني إيدن " رئيس وزراء بريطانيا، فوصفه بأنه ( خرع) وتوبيخه للحبيب بورقيبه بأنه " خائن".. إلا أنه يمكن القول أن "السادات" دشن عصراً من البذاءه في الهجوم علي معارضيه ، عندما وصف أحد الدعاه الذين إعتقلهم بانه " مرمي في السجن زي الكلب"!
*****************
- المخلوع "حسني مبارك" هو من "دشن" عصر البذاءه الجديد، وتفاني في تطويره ، فبحسب مايرويه عنه بعض من عملوا معه أنه كان الأكثر بذاءه! وربما لهذا السبب لم يجد غضاضه في تعيين " "زكي بذاءات " وزيراً لشرطته. لم تكن نتيجة اختياره عاديه، فالمحصله شتائم "مرتضي ديك أم " و"إبنه"و"أحمد موسي" و"محمود هاتو لى راجل"، و"مؤذن مجلس مرسي ممدوح إسماعيل" الخ. والغريب اننا بعد الثوره العظيمه التي استبشرنا بها خيراً ، إكتشفنا بأن النقاء الثوري أكذوبه وأن "البذاءه" هي العنوان الأبرز، وأن الشعار الجديد هو:" انا على استعداد لقتالك حتي الموت ،حتي أمنعك من التعبير عن رأيك"!
-ومن آليات وأساليب هذا القتال المستخدمه حتي الآن، التحاور بشوم وسواطير الكلمات، نهوي بها فوق رءوس بعضنا البعض، كلما عجز المتحاورون - والمتحاورات- عن مقارعة الرأى بالرأى والحجه بالحجه.لاينتهي حوار نهايه طبيعيه ابداً.. لابد ان ينتهي بفاصل من "الردح" أو "تقطيع الهدوم" -وهما أعلى ذروه من ذري البذاءه!
عرفت مصر هذاالنوع من ( الردح وتقطيع الهدوم) بشكل خاص خلال فعاليات "العمل النسوي" في المحروسه ، فمعروف أنه ماإجتمعت كوكبة من "نسوان" مصر، إلا وكان الردح وتقطيع الهدوم ثالثهما ..فقد اشتهرت " هوانم" المجتمع المصري وسيداته، بمعاركهن الشرسه، واظافرهن الطويله التي ينشبنها في صدور بعضهن بعضا ،وهن الأديبات الأريبات والكاتبات المحترفات، والرقيقات المهذبات !وسواء كن في مؤتمر في "بكين" ، أو فى تجمع نسوي في "&<700;يينا" أو في شارع " كريم الدوله"( حزب التجمع)، فالنهايه واحده والتقطيع حتمي !ولكن الجميل أنهن "كن" يتجملن ولايصدرن- آنذاك- ردحهن خارج إجتماعاتهن!
الآن تغيرت المعادله، ومثلما تجد أحدهم يسب لك "المِلّهْ "وهو يحاورك ، تجد المرأه تؤشر لك بأسوأ " الإشارات" بلاحياء!صحيح أن علياء المهدي "إحتجت" علناً ب"التعري"، لكن هناك فارقاً بين التعري كموقف سياسي فى مجتمع أوروبى، وبين الردح كموقف لاأخلاقى في مجتمع شرقى. حاليا لم تعد الآفه قاصره على الجلسات النسويه فقط. فقد انتقلت بنجاح ساحق إلى كل مكان حيث تدور رحى مناوشات - بذاءات فى الحقيقه- تحتدم بين الشباب والشيوخ ، تسمعها بأم أذنيك فى الشارع ، أو تقرأها بأم عينيك طازجة ساخنة فواحةً على التليفزيون أوعبر المذياع أو على الفيس بوك و تويتر.. وليس هذا وحسب، وانما يفوح عطر البذاءه في إجتماعات رؤساء الأحياء.. ومؤتمرات النقابات ،وتعج بها كواليس الأحزاب..واجتماعاتها التي تنتهي غالبا بالضرب والشتيمه والاتهام بالعماله والخيانه الخ .ولم لا وهي تميز ايضا إجتماعات ومناقشات جامعة الدول العربيه ، وقد نقل جانبا مهما منها الينا الاخ العقيد القذافي قبل رحيله ، مشفوعاً بسخريتنا ولعناتنا !
إطرح أي فكره للمناقشه ، سينقطع الحوار قبل ان يبدأ..سيتراشق الغالبيه بالألفاظ ..أصبح السباب إدمانا والشتائم عنوانا! مناخ كامل يتنفس بذاءه .. وينضح قذاره .. وفيه يعيش الصغار ويتعلمون من الكبار ، فلاتستحي "ثائره" من قول (fuc you) ولا استاذه جامعيه من كتابة (A7a) وحتى رئيس اتحاد الكتاب( علاء عبد الهادي)لايتورع عن الاعتداء على أحد اعضاء المجلس ( اسامه ابوطالب) !والذي نتعرف من كتاب اسقالته من مجلس إدارةالاتحاد،على فصل هزلى مشين، فقدأكد أن رئيس الاتحاد تطاول عليه بألفاظ خارجه "وتهديده لى بالقتل وسبه القضاء علنا وكل ذلك تم تسجيله صوتاً وصوره بالكاميرات"!!!
هذا مجتمع فقد احساسه،فقد براءته ، فقد حياءه ، وفقد أخلاقه ،وانغمس في عالم البذاءه بشكل أوبآخر، فالاعلامي يكيل الشتائم والتهم للمعارضين، ويقسم باغلظ الايمان باننا سنعقد البرلمان ولو ببضع آلاف من الناخبين، وينحدر أكثر فأكثر فيجتزيء من المعلومات مايناسب فكرته ويحجب الحقائق عن المشاهدين ، والاعلاميه تتغني بالبراءه وتتدثر بالطيبه وهي تذبح فرائسها علنا من أجل خبطات إعلاميه تزيدها شهره وتضاعف الشركات الراعيه لها !والسياسي الداعر يخادع الناس ويتآمر مع رجال اعمال وعسكر وحراميه ويشتري الأصوات ليصل الي مقعده البرلماني ، وهذاإخواني يتعاون مع شياطين الحزن الوطني القدامي لاسقاط حزب النور ..وهذا وزير بعد ثوره عظيمه يتواطأ ضد شعبه فيسرقه ويبيعه لرجال اعمال خربي الذمه، مقابل كميات من الشامبو والملابس وتذاكر الحج، أما كتائب الاخوان الالكترونيه فلا تكف عن ابتكار مفردات بليغه فى السباب والشتائم كل لحظه!
حوار البذاءات عَمَقَ من انقطاع التواصل بين الجيل الحالي وبعضه، و بين الاجيال وبعضها البعض . "تجزرنا" .. لم يعد لدينا سمة التشارك والعمل الجمعي.. غابت القيمه وغاب الهدف الذي يجمعنا، فضلاًعن القدوه التي نتعلق بها.اصبحت لدينا معاييراً مختله،والاسوأ أننا نسفنا تراث الأخلاق العريق لقدماء المصريين ،فالمصري الذي لم يكن يفكر بامرأة جاره، أو يجرؤ على مغازلتها، لم يعد يتورع عن ارتكاب تلك الجريمه، وربما يتلذذ بالحديث عنها ، وهو سقوط مشين وتحول فظيع لم يكن ليجرؤ عليه أحد!!
بعد أن قرأت:لاتقولوا أن" الثوره" مسئوله عن إنفجار "بكابورت" السفاله والبذاءه، وإنما قولوا معى أنه لم يعد لدينا "الإلهام".. لم يعد لدينا ذلك " الملهم"!