سقف التظاهرات " البذيئه"!!- بقلم: محمود الشربيني
---------------------------------------------------------------
قبل أن نقرأ:أيا كانت الملاحظات او التعثرات او التصدعات التي طالت تحالف 30 يونيو ( وشركاؤنا فيه ليسوا المصريين فقط علي إختلافهم وتنوعهم الديني والثقافي.. وإنما هناك دول وشعوب عربيه وصديقه، في القلب منها السعوديه والإمارات والكويت، شدت من أزرنا وسندت ظهرنا، ودعمتنا بالمواقف السياسيه واالتمويلات الماليه) فإن هذا التحالف يبقي هو " الأصل" .. والخلاف- وحتي التصدع - "إستثناء"..ويجب أن يبقي كذلك وأن نعمل علي ترميمه ولانسمح بزيادة تشققاته وانهياراته.
********************
أكتب هذا بمناسبة السماح للمتظاهرين الذين تظاهروا أمام السفاره السعوديه احتجاجا علي الموقف السعودي وتدخله العسكري في اليمن ،لوقف"التمدد الإيراني" هناك ،بإستخدام اتباعهم "الحوثيين"، برفع لافتات وترديد شعارات مهينه للسعوديه وملكها ووزير خارجيتها. وفي رأيي انه ماكان مفروضا ان يسمح القائمون علي الأجهزه الأمنيه بذلك .. صحيح انني مع حق التظاهر للمواطنين ، لكن في نفس الوقت فان التعبير السلمي المحترم الراقي هو ماتتطلبه مثل هذه المواقف السياسيه المعقده والمتشابكه .
واذا كنت أحيي الأجهزه الأمنيه ووزير الداخليه اللواء مجدي عبد الغفار علي مواقفهم من عملية "تطهير" وزارة الداخليه، والسماح مؤخرا بإحالة 14 ضابطا من رتب مختلفه إلي السجن والتحقيق معهم في تجاوزات بشعه إرتكبوها ، من قتل عشوائي لإحدي الأسر إلي الإرتشاء واستغلال النفوذ، ما يعني بالنسبة لي أن الوزير ربما يقود بالفعل عملية " تطهير " ممنهجه لوزارته ،لاكتساب سمعة محترمه تفتقد اليها ،فإنني بنفس قدر التحيه ، أجدني منتقدا عدم بذل الجهد الكافي ، لمنع المتظاهرين من الإساءه للملكه العربيه السعوديه ورموزها.
وأكثر من هذا: ففي الحقيقه لا أعلم ياسيادة اللواء مجدي عبد الغفار من هو العبقري الذي سمح لهؤلاء المتظاهرين ( إياهم!!) بأن يخرجوا بلافتاتهم المسيئه ،وأن يوجهوا سهامهم ،ويرفعوا لافتاتهم، ويرددوا عباراتهم وهتافاتهم الجارحه ، للسعوديه وملكها سلمان بن عبد العزيز ؟! من الذي سمح لهم بحمل هذه اللافتات الملغومه ؟!وحتي لوكانت العلاقات السياسيه المصريه - السعوديه، تمر - الآن- بخلافات أو تحفل برؤي متباينه..لماذا نسمح بصب الزيت علي النار مع أبرز حلفاء 30 يونيو؟ نعبر عن الخلاف في الرأي ( ماشي) لكن أن نجرح ونهين ونتعامل ببذاءه مع دول عربيه حليفه وحساسه من أي كلمة نقد،وتشعر- ويشعر مواطنوها بجرح عميق- لأي إهانه لرموزهم، فهذه والله ( حماقه ) كبري.والسؤال هنا: ألم ينبري المصريون دوما- معارضين قبل المؤيدين -ويتصدون لأي اهانه تصدر من "دويله" كقطر( تميم)، او تركيا ( قردوغان) أو تونس( المرزوقي) تجاه رئيسنا ؟!
إذا كنا نحيي وزير الداخليه والنائب العام وأجهزة التفتيش النيابي التي تقوم بدورها الآن في ملاحقةالعناصر المخالفه والمتجاوزه في الأجهزه الأمنيه، فإنني مع كل هذا أقول للواء مجدي عبد الغفار: اختلف بشده معك ومع من سمح لمتظاهرين بالوقوف ببذاءاتهم ولافتاتهم المشينه أمام السفاره السعوديه تنديدا ب"عاصفة الحزم".. وأذكر من اعتدوا بالقول علي العاهل السعودي وعلي "الأمير سعود الفيصل" وزير خارجية السعوديه بكلمه واحده : وقت أن أعلن "الفيصل" من فرنسا عن موقف بلاده المساند لمصر، كان في نظركم بطلا عربيا و صديقاً وفياً لمصر!ثم ولمجرد خلاف في المواقف، و لمجرد أنه رد علي رسالة للرئيس "بوتين"-ليست محور نقاشي الآن- وقال رأيا قد يكون محل خلاف سياسي ( بقي الفيصل كخه)؟! والله عيب .. وعيب علي من سمح بلافتات الإهانه ، وعدم تطبيق قانون التظاهر علي هؤلاء المتظاهرين .
أنفذ من هذا إلي إقتراح أظنه - وبعض الظن كما تعلمنا ليس إثما- حضارياو ضروريا وحان وقته الآن .. بأن يتقدم وزير الداخليه بنفسه بمشروع قانون جديد لتعديل قانون التظاهر المقيت.. يكون من أبرز ملامحه إنشاء هيئه او قطاع مستقل برئاسته داخل الوزاره، يكون مسئولا فقط عن مايمكن تسميته" إدارة حق التظاهر"..بحيث يتولي قطاع مختص و مستقل بالوزاره ،وتحت اشراف الوزير،المسئوليه كاملة عن ممارسة المصريين لهذا الحق، منذ أن يكون طلب التظاهر مجرد فكره في أذهان الداعين إليه والراغبين في الخروج بمسيرات او مظاهرات تعبيرا عن الرأي او الإحتجاج أو الإختلاف مع السياسات والمواقف وحتي الدول..من أميركا وتركيا.. الي قطر وحماس وغيرها..ويكون مسئولا عن الشكل الذي ستظهر به المظاهره، فلاتقمع مظاهره سلميه ، ولاتٌغتال متظاهره بالورود مثل الشهيده شيماء الصباغ ، وفي نفس الوقت لايسمح لمتظاهرين أيا كانوا بإهانة دوله عربيه شقيقه وحليفه لنا مثل المملكه العربيه السعوديه ورموزها. هذه الإداره يجب إستحداثها فورا، علي ان تكون وثيقة الصله بالمفكرين وأساطين القانون ورموز حقوق الإنسان والأحزاب الليبراليه، ومجلس حقوق الانسان، ولها صلة وثيقه بأكاديمية الشرطه وكليات ( القانون) المعروفه باسم كليات الحقوق ، وليس عيبا أبدا أن تتفاوض مع المتظاهرين علي تحديد سقف التظاهرات و"تكبل أو تفرمل" التظاهرات " ، إن هي تجاوزت سقفها الحضاري الي سقف " البذاءه" بما يضر المصالح العليا للوطن ، وفي نفس الوقت ، تسمح للمجتمع ببمارسة حقه الأصيل في الضغط السياسي ،وممارسة حقه في التعبير عن الرأي والخلاف،وهو أمر يصب بشكل غير مباشر في تدعيم المواقف السياسيه للدوله، بإعتبار انه في المواقف القوميه يجب اعلاء مصلحة الوطن علي " التحالفات والتفاهمات" التي قد تفرضها مواقف يتوقعها أو يطلبها منا - أو حتي يفرضها-الآخرون علينا، بحكم أنهم قدموا لنا دعما أو منحونا تأييدا في مواقف اخري وقت ان كنا بحاجه إليها.
بعد أن قرأنا:حاجتنا أكثر إلحاحا الآن من أي وقت مضي،إلي التفكير الخلاق، ومواكبة التطور، فلاأحد- كمايقول صديقي الكاتب حامد المحلاوي- بمستطيع أن يقمع الأفكار، فالأفكار لها أجنحه بتعبير الفنان يوسف شاهين، لكن ممارسة فضيلة التفكير وبذل الجهد في دراسة القضايا والأزمات ، تساهم في أخراجنا من مآزق عديده ومن ومشكلات مستعصيه، من إرهاب الإخوان المتفاقم بدعم دول عربيه وأجنبيه، الي إقتصاد منهك ومتعب ،قد يكون ثمن دعمه اتخاذنا لمواقف سياسيه- وغير سياسيه- لاتكون في صالح الدوله المصريه .. كالتدخل العسكري المصري (برياً) في المسأله اليمنيه!