ثوره .. لم تؤلف بين قلوب الثوار!- بقلم : محمود الشربيني
--------------------------------------------------
قبل ان تقرأ: المجد للشهداء .. التحيه للجرحي والمصابين .. انحناءه وتعظيم سلام لمن ادركتهم عناقيد غضب نظام مبارك وجهازه الامني بقيادة حبيب العادلي..سواء قبل الثوره فاصبحوا اثرا بعد عين كزميلنا رضا هلال ،اوخلالها ،ففقئت عيونهم ..وبترت اعضاؤهم.. وتشظت اجسادهم بالرصاص الحي او الخرطوش ، سواء قصفه "الاخوان" او مجرمون آخرون. تحيه لكل من اضيروا بقوه خلال انتفاضتنا المجيده في يناير العظيم، لأمهاتنا الرائعات اللاتي انجبن رجالا حصدالموت ارواحهم علي مدارالايام الثمانية عشر، التي تشبث خلالها مبارك ونظامه بالسلطه! تحيه لذوي الشهداء الذين اصبحوا فجاه اشبه بالايتام بعد ان فقدوا ابناءهم في عمر الزهور..تحية للشاب الذي اطلق صيحة مدويه " يااهالينا انضموا لينا" فكان المجد .. وللشاب الذي تحدي بجسده النحيل مدرعة العادلي التي كانت ترتع وتمرح تحصد الارواح ، فاسقطها وكسر ارادتها بتحديه وكبريائه ، فحولها من "مدرعة للموت" الي "خرقه باليه" متسخه لا تصلح الا لتكون " قطعة قماش ممزقه"!
******************
اربع سنوات مضت علي اندلاع ثورة 25 يناير.. حصادها مر.. ملفات كثيره منها لم تغلق بعد:كشوف العذريه..احداث ماسبيرو..محمد محمود.. مجلس الوزراء..احراق المجمع العلمي..الضربات والحرائق المتلاحقه لفندق سميراميس .. احراق جراج ومباني وزارة الماليه.. اجرام القناصه ..المغدورون من مسافات قريبه..فوضي وعبث تشريح الجثث،تزييف وتزوير تقاريرطبيه عن الشهداء والمصابين وعدم تحديداسباب الوفاه..الاطباء المتقاعسون المتواطئون مع المسئولين.. تقارير تقصي الحقائق عن احداث "ماقبل رابعه"الحبيسة الادراج ..كلها ملفات مفتوحه ولم تغلق ،واشك في وجود اراده-او رغبه- في اغلاق هذه الملفات، مع ان كثرة هذه " الجروح" تسبب ظهور "التقيحات"!
فض اعتصام رابعه كان مفترق طرق لنا مع من اصبحوا بحكم اسلوب الخلاف "اعداء"..وايضا مع اصدقاء .. خلناهم يرفضون الفاشيه الدينيه والعنف والارهاب الذي اطلق الاخوان المفسدون له العنان ،بعد سقوطهم المريع والمذل في 6/30. اكتشفنا وجها اخر للكثيرين..عجبا انهم تخفوا في ثياب الليبراليين كل هذه السنين.. وحدثونا عن الديمقراطيه وحقوق الانسان!! اوهمونا بأن من ذاق مرارة الاستبداد مرة لايمكن ان يذيق الاخرين منها، فصدقناهم حتي استيقظنا في دولة"الاقصاء".. و"الاستبداد" المشفوع بجمل من عينة "نحن منتخبون..انتهي الامر..وسنحكم"خمسميت" سنه علي الاقل!"
من الغريب ان هؤلاء الفاشيين الجدد وجدوا بيننا من ينتصر لهم ، نكاية في النظام الذي يختلف معه.. وجدوا عتاة الليبراليين يؤيدون ماذهبوا اليه في نقد حكم العسكر..من البرادعي وزياد بهاء الي حمزاوي وايمن نور ومابينهما من اسماء كان غريبا انها لم تقل لرئيس الدوله " عيب"عندماراح يحتفل بنصر اكتوبر وهو محاط بقتلة صاحب قرار الحرب..بينما"غُيّب" عن المشهد صناع البطولات العسكريه المصريه!
والاكثر غرابة ان نجد شباب الثوره لازالوا بعيدين عن استيعاب الدرس..بل ان اكثرهم يشايعون الاخوان نكاية في النظام ..كما انهم يكررون خطيئتهم الكبري في يناير .. حينما لم يمكنهم باي معني وباي صيغه ان يتوحدوا معا وان ينتخبوا قيادة للثوره لاتسمح لها بالانحراف عن مسارها علي مدي السنوات الفائته ..
اظنهم - وبعض الظن ليس اثما- لم يتغلبوا علي تعقيدات كثيره في شخصية الثائر والمعارض المصري..كل منهم يتوهم زعامه لم يقنعنا بها.. وقدرة علي القياده ليس مؤهلا لها و افكارا يعتقد خطأ انها الاجدر بان تسود مع انه لم يقف علي مدي صحتها في حوار او في ندوه او في مساجله فكريه!
لننظر الي عشرات الاحزاب الناشئه في مصر .. لم تجذب - وهذا ليس بيت القصيد-ايا منهم للانتماء اليها ..حسنا .. فلماذا لم ينشئوا لأنفسهم كيانات او احزاب اخري .. لماذا لم يختبروا قدرتهم علي العمل الجماعي ؟ لانهم ببساطه لم يستطيعوا ان يحولوا الفعل الجماعي الثوري في الميدان الي آلية عمل جماعي ، تنتصر فيها افكارهم وتبرز مشتركاتهم ،وتتراجع فوارقهم ووتمايز مواقفهم وصراعاتهم الي مؤخرة اذهانهم! لماذا يخشون العمل الجماهيري؟ ظني ان "عقدة الاستعلاء" علي الجماهير تستفحل.. خطابهم فوقي..غير قادر علي الوصول الي البسطاء .. يجد نفسه فقط امام الاضواء ، وفي التناطح المقيت مع اصحاب الافكار .. لاسيما الاجيال الاخري التي يعتبرونها اما فلولا او عجائزيطالبونها بالتواري ؟
عجبا.. لم تعد القيود الان امام العمل الجماهيري في مصر كما كانت ، ومع هذا لم نر حتي إئتلافات الثوار - كما تلقب نفسها- تجد لنفسها مكانا علي الساحه السياسيه، وكأنه مطلوب من الجماهير ان تناديهم وتطلبهم وتتقرب اليهم .. وكانه مطلوب من الشيوخ ان يتواروا طواعية ويحكموا علي انفسهم بالموت ، لكي ينعم شباب الثوره بتحقيق هدفه في الوصول الي السلطه من دون تعب او مجهود!
اختار من الواقع نموذجا مدهشا ، ففي قرية "طحانوب" مركز شبين القناطر بالقليوبيه وافقت الاجهزه الامنيه علي عقد مؤتمراستعدادا للانتخابات المقبله ،باعتبار ان البلده فيها مابين 4 الي 6 مرشحين محتملين، مايعني ان البلد ستنقسم وتتفت اصواتها..دعا للمؤتمر صحفيان مصريان "مخضرمان" احدهما مقيم بالسويد وهو رأفت بدوي، والثاني محمد هزاع وهو محلل سياسي، وكانت المفاجأه المدهشه ان "شباب " كثر غابوا عن المؤتمر!!المحام الشاب واحد المنظمين احمد عادل ابوحريفه رصدالظاهره كاحدي سلبيات الشباب فيقول :الدعوات ركزت علي الشباب خاصة تحت 30 سنه، ومع هذا كان تواجدهم محدودا، وهو امر متكرر فى أى حدث سياسى فى شتى ربوع مصر ومن المهم دراسته بدقة"!!يضيف احمد قائلا:طبعا" لا وجود للشباب دون أن يدركوا حقيقة الواقع أنهم يكملون مسيرة بدأتها أجيال سبقتهم"!
بعد ان قرأت: يبدو ان الثوره لم تستطع ان تؤلف بين قلوب الثوار حتي الان.. مأساه ان تكون مقولة " احمد نظيف" عن الديمقراطيه في مصر .. صحيحه!( فاكرين قال ايه ؟!)