لليوم الخامس على التوالي، أسرع مستبقا الشروق يحمل فأسه يبحث عن تلك الذئبة التي قالوا انها تهاجم القرية ليلا وتختفي نهارا. امام عتبة الدار لمح عقربا اسود يلتصق بجذع النخلة العالية المائلة نحو الغرب. لم يعره انتباها، ولم يلتفت الى صراخ ولده الوحيد الذي لم يتجاوز الاعوام الثلاثة يطلب الذهاب معه. مضى الى اعلى الجبل الذي تقبع تحته ديارهم. انتصف النهار ولم يعد. غابت الشمس وعاد دون ان يعثر على تلك الذئبة التي قالوا انها تهاجم القرية نهارا. قبل الدار بأمتار استقبله شقيقه، احتضنه وطلب منه ان يصبر ويحتسب، فلله ما اعطى ولله ما اخذ. لم ينطق بشيء، واصل شقيقه: ولدك خرج يلعب كعادته تحت النخلة فلدغه عقرب، لم يكمل، انتابته نوبة من البكاء... القى بفأسه على الأرض، أخذ يهز شقيقه بعنف مستنكرا، انطلق يعدو الى الدار، غاب ثواني ثم عاد يحمل قدوما كبيرا محاولا اجتثاث النخلة العالية المائلة نحو الغرب... من جذورها.