البقية في حياتك!!
بقلم/ أسامة جلال
إنا لله وإنا إليه راجعون..
منذ سويعات قليلة تلقيت خبر وفاة الفنان الجميل والصديق القديم زميل مسرح الجامعة الفنان خالد صالح.. خبر وقع علي كالصاعقة التي افقدني التوازن فسارعت إلى مواقع التواصل الاجتماعي لأتأكد من الخبر الذي تمنيت أن يكون إشاعة تذهب لحال سبيلها.. لكن الخبر تأكد ورحل خالد صالح أحد أبناء جيلي الذي يكبرني قليلا لكنه من نفس الجيل والجامعة والهواية والأصدقاء.
خالد صالح ابن مسرح كلية الحقوق بجامعة القاهرة كان دائم الزيارة لنا في مسرح كلية الآداب (مبنى جغرافيا القديم) عرفته خلوقا مثقفا واعيا.. خالد رحمه الله كان اسلوبه في الحوار شيق.. يجذبك حديثه ونبرة صوته المرتفعة وتعبيراته الدقيقة والمؤثرة.. أتحدث عن خالد الذي عرفته قبل الشهرة والمجد عندما كان أسمه يدرج في مسرحيات الهواة (خالد السيد صالح).
اتحدث هنا عن خالد الذي أعرفه لأنني لم ألتقيه بعد الشهرة وجها لوجه وإنما مجرد محادثات هاتفية ووعود باللقاء لم تتم.. ومجرد أخبار استمدها من صديق مشترك أو خبر أقرأه في صحيفة.
أما خالد الذي لا يعرفه الكثيرون قبل الشهرة فقد كان يحظى باحترام ابناء جيله من الممثلين الهواة في جامعة القاهرة.. وللحقيقة كان هناك اجماع عليه كشخصية محبوبة في مجتمع كان مليء بالصراعات الظاهرة والسرية على جوائز مهرجان الجامعة أو اقتناص دور مؤثر في مسرحية تمثل الجامعة في مهرجان الجامعات أو الحصول على منصب إداري في الفريق أو حتى الفوز بقلب زميلة من شدة جمالها منحوها دور الأميرة في المسرحية.
خالد كان خدوما أيضا يساعد في أي موقف ويعبر عن رأيه الذي غالبا ما يكون صوابا بوضوح تشعر أنه أخ أكبر صادق في إحساسه تجاهك مخلص في نصيحته وكان رحمه الله من أعمدة مسرح حقوق الذين يشار إليهم بالبنان.. ويؤخذ برأيهم وقت الأزمات.
آخر لقاء جمعني وخالد كان في مسرح الهناجر في إحدى زياراتي للقاهرة بعد عملي في الكويت تقريبا صيف 98 أو 99 وكان معه زوجته وبعد أن سألني عن أحوالي وأجبت.. سألته عن أحوله فقال في حسرة وقتها أنه ابتعد عن الفن والتمثيل تماما ويعيش قصة كفاح جديدة في مشروع صغير (فرن) أفرنجي! وقد أدهشني هذا التحول حتى أنني ظننت أنه يمزح.. لأنني كنت واثق أن هذا الشخص سيكمل مسيرته حتى وإن لم يجن شيئا من الفن والمسرح وظل ممثلا مغمورا.
وبالفعل وبعد سنوات بدأت أشاهد صعود نجم الخالدين (صالح والصاوي) حتى أصبحا ربما أفضل الممثلين الموجودين على الساحة حاليا يجسدان شقاء وعناء جيل بالفعل أفنى جل وقته في حب هذا المسمى بالمسرح وبالتمثيل والفن.
جيلنا في جامعة القاهرة وابرز من كانوا يسبقوننا بسنوات جيل تعب على نفسه لكنه للأسف كثيرون منهم لم يجدوا الفرصة المناسبة فذهبوا إلى حال سبيلهم في طريق آخر.. ومنهم من صمد وكافح.. هؤلاء انقسموا ما بين فنان شهير ومرموق وفنان مؤهل تماما يبحث عن فرصة حقيقية وحتما سيثبت نفسه كما فعل خالد صالح وخالد الصاوي لأنهم ليسوا أقل منهما بل الفرصة لم تصل إليهم.
جيلنا والذي كان في رأيي جيل فني عظيم وربما أعظم جيل مسرح جاء في مسرح جامعة القاهرة كان يضم في معظمه أبناء الكليات الثلاثة الكبرى الآداب والتجارة والحقوق.. ومن الذين عاصرتهم أو سبقوني بقليل بالإضافة الى خالد صالح وخالد الصاوي نجد الزملاء والأصدقاء الاعزاء نادر صلاح الدين وأحمد عبدالله وسامح سر الختم واشرف عزالدين وأسامة عبدالله ومحمد عبدالحميد واحمد كمال وعبلة كامل وهشام السنتريسي وخالد جلال وخالد النجدي وخالد الشوربجي واحمد الحلواني وسيد الرومي وطارق عبدالعزيز ومحسن منصور ونورا أمين وسيد الريس ومحمد رضوان وأحمد فؤاد صدقي وطارق سعيد وعصام مسعود وعبير فوزي وفاتن رفعت وسامح بهلول وعمرو رشاد وياسر الطوبجي وهشام عطوة وأحمد محمدين وإيهاب سلام ومصطفى شعبان وفتحي عبدالوهاب ومجدي سعيد ومحمد البكري وياسمين عبدالهادي وسوزان ووسام كمال ومحمد هنيدي وهشام منصور ومحمد عبدالرشيد وعز الفيومي وسيد الفيومي وسيد وممدوح مداح وعبدالوهاب الأرماني ومحمد عامر ومحمود ابوزيد وشهير محمد وشهيرة وياسمين عبدالهادي وغيرهم أكيد أسماء أخرى لم تحضرني الآن.
والأمر الطبيعي الذي بدأت أدركه الآن أننا قد بدأنا في الرحيل واحد تلو الآخر فقبل خالد صالح رحل عن عالمنا أصدقاء من أبناء هذا الجيل هم محمد علي الدين ومحمد أمين وحسين محمود وخالد شحاته.. وبدأت أسمعها في وتيرة متسارعة.. (البقية في حياتك).. هذه الجملة التي توقفت عن الرنين في أذني منذ عدة سنوات بعد وفاة والدي ووالد والدي في مشهد درامي آخر في حياتي.. بدأت تعود مرة أخرى في الرنين من جديد.
ترى.. من القادم.. ربما أنا.. أو أحد الزملاء والأصدقاء الآخرين.. والموت حق.. والحمدلله على كل حال.. لكن المؤكد أن هؤلاء كانوا علامة مؤثرة في جيلهم وفي محيطهم.. رحم الله خالد صالح وكل الزملاء السابقين واللاحقين.. والمسليمن أجمعين.. ورحمنا الله إذا ما صرنا إلى ما صاروا إليه تحت الجنادل والتراب.
عفا الله عنك يا خالد.. فقد كنت حقا إنسانا يستحق التقدير والاحترام.. احترمت فنك فاحترمك جيلك وجمهورك.. وغفر الله لك وإلى جنة الخلد بإذن الله.
أقولها هنا لعائلة الفقيد العزيز.. ولكل فرد من الأصدقاء والزملاء الأعزاء.. لقد توفي خالد صالح.. (البقية في حياتك).