«ولا في النية أبقى.. فلبينية» كان اسم فيلم من الأفلام التجارية، بطولة احمد آدم وهاني رمزي ووفاء عامر،.. عرض عام 1999، ولا يهمني هنا مضمون الفيلم ولا ابطاله، لكن «اسم» الفيلم – الذي يهرب فيه البطل حسن (احمد آدم) من الشرطة ويتخفى في هيئة «خادمة فلبينية» - هو ما يهمني، فعلى الفور اعترضت السفارة الفلبينية على اسم الفيلم، وكادت تحدث ازمة دبلوماسية، وانتهى الامر بان رضخ منتج الفيلم وغيّر اسمه الى «ولا في النية ابقى...؟».
.. الفلبين ليست دولة عظمى.. لكنها تحترم مواطنيها، بالرغم من ان اغلبهم يعملون في دول الخليج كسائقين وموظفي كافتريات ومطاعم، وموظفات استقبال، وكانت «الفلبينيات» يحتللن قمة هرم مهنة «المربيات.. والخادمات» قبل ان تمنع الفلبين عملهن في هذه المهنة لدى بعض الدول.
.. وزارة الخارجية المصرية درست تجارب عشرات الدول في رعاية وحماية رعاياها في الخارج، ومواطنيها العاملين في الدول الاخرى، ثم اختارت تطبيق «التجربة الفلبينية».. ومصر لديها حوالي 8 ملايين مواطن يعملون ويعيشون خارج مصر، غالبيتهم الكاسحة مازالوا يحتفظون بأصول وجذور وممتلكات واستثمارات في مصر، والمهاجرون منهم يحرصون على قضاء اجازاتهم فيها، وتزويج ابنائهم من أهلهم في الداخل، وطبعاً يوصون بالوصية الشهيرة: «لما أموت ادفنوني في تراب مصر».
.. لا أعرف تفاصيل «التجربة الفلبينية» في رعاية مواطنيها في الخارج، لكن السفير علي العشيري مساعد وزير الخارجية للشؤون القنصلية قال للزميل أحمد السيد النجار في «الأهرام» ان فكرة تطبيق هذه التجربة تعود لعام 2010، قبل ثورة يناير، ووافقت عليها لجان مجلس الشعب آنذاك، وتوصي بانشاء «جهاز أو هيئة» لتقديم الرعاية للمصريين في الخارج، يتم تمويله من العاملين في الخارج أنفسهم عن طريق استقطاع 25 دولاراً من كل من «يغادر» مصر للعمل، وفي المقابل يتم تقديم خدمات مميزة مثل الاجلاء في حال الأزمات، وتقديم المساعدة القانونية في شكل استشارات أو تكليف محامين للدفاع عنهم،.. و«ربما» تقديم رعاية صحية! وطبعاً شحن «جثامين» المصريين المتوفين في الخارج، .. وتظل وثيقة التأمين التي تصرف عند العودة النهائية إلى الوطن مسألة اختيارية.
وطبعا لم ينس سعادة السفير أن يلمح إلى «احتمال» زيادة الرسوم على بعض الخدمات القنصلية مثل خدمات التوثيق وإصدار الوثائق وغيرها على ان توجه حصيلتها لتمويل الجهاز الجديد.
.. الفكرة ممتازة.. لا غبار عليها، لكن «الخشية» دائما من التطبيق، واعتقد ان ما ذكره سعادة السفير من خدمات اساسية مثل الإجلاء في الازمات وشحن الجثامين والمساعدة القانونية، فهذه يتم تقديمها بالفعل ومن اساسيات عمل قنصلياتنا في الخارج، كما ان هناك ميزانية بوزارة الصحة لمسألة شحن الجثامين، واذا كانت مسألة الجثامين هذه تكلف الدولة، فلا ضير من دفن المصري في مكان وفاته، و«التصدق» بتكلفة شحن جثمانه!!
.. وأقول لسعادة السفير ولوزارة الخارجية: المصريون في الخارج ضاعفوا تحويلاتهم منذ عام 2011 وحتى اليوم لتصل الى 22 مليار دولار، ويقدمون كل ما يستطيعون لدعم الاقتصاد المصري، ويتحملون مسؤولياتهم الاجتماعية تجاه اهليهم في مصر، ويسهمون في انشاء المشروعات الخدمية في قراهم ومدنهم، ويسارعون الى المشاركة في كل ما ينفع بلدهم،.. وهم يفعلون ذلك «بتلقائية» المصري الاصيل، دون حاجة لمن يدفعهم، وأيضا دون «منّ» منهم على بلدهم الذي أنجبهم ووطنهم الذي يعيش فيهم.. وإن لم يعيشوا فيه.
وكل ما يطلبونه من وزارة الخارجية ومسؤوليها، أن يجدوا سبيلاً للحفاظ على «كرامة» مواطنيهم في الخارج، و«هيبة» مصر بين الأمم.
ولهم أن يلجأوا في ذلك لأي تجربة دولة أخرى الفلبين أو غيرها.. إذا ارتأوا أن الأمر يحتاج «خبرات أجنبية»!!
وأدعو الله أن يخيب ظني وألا يكون هدف الجهاز الجديد رفع الرسوم القنصلية «المرفوعة» أصلاً!!.. أو تحصيل 25 دولاراً من كل مغادر للعمل!!
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
حسام فتحي
hossam@alwatan.com.kw
twitter@hossamfathy6