طيب!!!
 
أزمة.. إدارة الأزمة
 
سبحان الله.. في مثل هذه الأيام قبل 24 عاماً اجتاح صدام حسين وجيشه دولة الكويت، واضطر عشرات الآلاف من المصريين للهرب من جحيم الاحتلال، وفظائع الجيشين النظامي والشعبي العراقيين، ومن عاونهم من «الخونة»، بعضهم أسعده الحظ فخرج بسيارته عبر الحدود السعودية، والبعض لم يتمكن واضطر لعبور العراق حتى الحدود الأردنية، وفي منطقة «الرويشد» حدث بالضبط ما يحدث على الحدود الليبية-التونسية اليوم، كان النظام في الأردن مؤيداً لصدام حسين، وحانقاً على موقف الرئيس حسني مبارك المعارض للغزو العراقي فصب الجنود والضباط غضبهم على المصريين البسطاء الفارين بحياتهم وحياة أبنائهم من الكويت التي تتعرض «لاستباحة» من الرئيس والأشقاء المسلمين في العراق، وشهد منفذ «الرويشد» «بهدلة» للمصريين وشتائم لمصر ومبارك كتلك التي تحدث الآن في معبر «رأس جدير» التونسي مع المصريين الذين استمعوا لتوجيهات مسؤولي وزارة خارجية بلدهم بالتوجه الى «الشقيقة» تونس لإجلائهم من جحيم الحرب الأهلية الدائرة في «الشقيقة» ليبيا، فكانوا كالمستجير من الرمضاء بالنار، .. وكانت «البهدلة» التي شاهدناها على شاشات الفضائيات، كان النظام في الأردن وقتها مع صدام وضد موقف مصر، .. واليوم النظام في تونس مع «الإخوان» وضد النظام الحاكم في مصر.. وفي الحالتين الضحية هم العمال المصريون «الغلابة» الذين أجبرتهم الحاجة للقمة العيش، والبحث عن حياة أفضل، وزيادة البطالة وتراجع فرص العمل، الى البحث عن مورد رزق في الكويت عام 1990، .. وفي ليبيا التي تشهد حرباً أهلية حقيقية عام 2014.
حالة الفوضى الناجمة عن تدافع آلاف الهاربين من جحيم الحرب الأهلية في ليبيا الى حدودها مع تونس طبيعية.. ومتوقعة، والمفترض أن هناك تنسيقاً بين وزارتي خارجية مصر وتونس لمواجهة الموقف، لكن كالعادة فإن العلاقات «المتوترة» أصلاً من الحكومة التونسية جعلت هذا التنسيق في حده الأدنى، وإلا لماذا لم يتم السماح بعبور «الهاربين» من جحيم الحرب الأهلية الى ما وراء الحدود المشتركة لإنقاذهم من رصاص الجماعات المسلحة الليبية، ثم نقلهم فوراً بباصات مغلقة وتخضع للحراسة الى حيث تنتظرهم طائرات الجسر الجوي المصري لإعادتهم لبلدهم؟.. دون «إهانة».. ودون تنازل «تونس» عن إجراءاتها السيادية على أرضها، فقط تتأكد من أن هؤلاء «النازحين» لن يمكثوا فوق أراضيها سوى فترة الانتقال من «ما وراء» معبر «رأس جدير» وحتى مطار «جربا». هل الأمر مستحيل؟! أم أننا مازلنا نفرّق بين خلافات الحكومات سياسياً، وبين قواعد التعامل الإنساني؟!
.. ثم أين دور مجموعات «إدارة الأزمات» في الحكومة المصرية، ألم تكن هناك «في الأفق البعيد» بوادر وإرهاصات حرب أهلية في ليبيا، التي «سمحنا» بتدفق مئات الآلاف من العمال المصريين «الغلابة» الى أرضها بحثاً عن الرزق، ثم «فوجئنا» بتعلقهم وسط الرصاص المتطاير للحرب؟..
أين تعاون وزارات الخارجية والدفاع والداخلية للإسراع بإعادة هولاء المواطنين المصريين والحفاظ على حياتهم.. و«كرامتهم»؟
.. ألم نختزن أي خبرات سابقة مما حدث للمصريين على الحدود العراقية-الأردنية قبل 24 عاماً، تساعدنا في التعامل مع الموقف اليوم؟.. ألا نتعلم أبداً من أخطائنا السابقة؟..
يا سيادة رئيس الوزراء: أين مفهوم «إدارة الأزمة» في حكومتك الرشيدة؟
ويا سيادة رئيس الجمهورية المنتخب: أين حديثك عن الحفاظ على كرامة المصريين وعدم السماح بإهانتهم في داخل أو خارج مصر؟
ننتظر تحركاً مصرياً يشعرنا أن الإنسان المصري البسيط «أصبح» له قيمة في «الخارج» بعد عقود الهوان وسنوات عودة المصريين في «نعوش طائرة»!!
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
 
حسام فتحي
twitter@hossamfathy66