طيب!!!
قمة في الطائرة
سينشغل المحللون والمعلقون والمراقبون طويلاً في «تفسير» ما جرى بين العاهل السعودي الملك عبدالله، والرئيس عبدالفتاح السيسي في جلسة القمة التي انعقدت داخل الطائرة الملكية على أرض مصر واستمرت زهاء 45 دقيقة.
رسمياً، وبعد الوصف التقليدي لقمة بهذا المستوى فهي بحثت «سبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، ودعم العلاقات العميقة بين الدولتين»... ورسمياً أيضاً فقد تم بحث ترتيب عقد مؤتمر «أصدقاء مصر»، وهو الاسم الذي حلّ مكان تسمية «مؤتمر المانحين» غير المستساغة، حيث تقرر أن تتم الدعوة إليه بشكل مشترك من قبل الجانبين المصري والسعودي، ويهدف لدعم الاقتصاد المصري في المرحلة المقبلة.
ولا ينكر حاجة مصر الماسة لعقد مثل هذا المؤتمر الآن إلا مكابر أو مغرض، والأهم من عقده أن ينجح في تقديم الدعم الكافي لإنقاذ الاقتصاد «الواقف» على حافة الانهيار بعد «توقف» عن العمل والإنتاج شارف على الثلاث سنوات ونصف السنة، جفّت خلالها الدماء في شرايين الاقتصاد، وعاش جسد الدولة على «المحاليل» المستوردة من الأشقاء، وحتى يستعيد الاقتصاد عافيته، وتعود عجلة الإنتاج للدوران، لابد من «دفعة» قوية تتمثل في مشروع كمشروع «مارشال» الذي أنقذ اقتصاد أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، .. وهو بالفعل الأمر الذي دعا إليه مشكوراً خادم الحرمين الشريفين قبل أيام،.. وأصبح على أجهزة الدولة المصرية الإسراع بإعداد تصور شامل وتفصيلي بما تحتاجه مصر، لإنجاح هذا المؤتمر وتحقيق أقصى استفادة منه.
وفي البيان الرسمي أعرب الرئيس السيسي عن مشاعر التقدير والمحبة التي تكنّها مصر، قيادة ودولة وشعباً لخادم الحرمين وللمملكة، .. وحتى لو لم يتضمن البيان الرسمي ذلك، فيكفي تلك «القبلة» التي وضعها الرئيس على «جبين» أخيه الأكبر –قرابة 90 عاماً-الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والتي ستدور حولها «تعليقات» كثيرة، وهي في النهاية تعبير عن الامتنان والتقدير والعرفان لكل ما قدّمته وتقدمه السعودية لمصر في محنتها، وتعبير أيضاً عن أصالة المصري الذي لا ينسى أبداً من سانده في أزمته.
عبارتان توقفت عندهما في البيان الرسمي، إذ نسب للرئيس أنه قال:
«مصر ستتمكن من الاضطلاع بدورها على الصعيدين العربي والإسلامي بمساعدة أشقائها وفي مقدمتهم السعودية». و«سيعمل البلدان معاً من أجل نشر قيم الإسلام الصحيحة الوسطية».
فهل ستسفر القمة المصرية-السعودية عن تحديد أطر دور مهم وجديد لمصر على الصعيدين العربي والإسلامي، في ظل ما يحدث في العراق وسورية الآن، واقتراب خطر انفجار حرب أهلية ذات وقود «طائفي» بالقرب من حدود السعودية والكويت؟
وإذا كان الدور الإقليمي، والثقل المصري العربي والإسلامي قد تراجع طوال أكثر من عقدين، حتى تحوّلنا لدولة تنتظر نجاح مؤتمر «الأصدقاء»، فما هو الدور المنتظر من القاهرة تحديداً؟.. وهل سيكون دوراً عسكرياً للمساعدة في ضمان أمن الأشقاء في الخليج؟
وهل يعني «العمل المشترك من أجل نشر قيم الإسلام الصحيحة الوسطية». أن هناك دوراً منتظراًَ ستلعبه القاهرة للتصدي لإرهاب الإسلام السياسي المتطرف الذي يكشف عن أقبح وجوهه في العراق الآن؟ وسط المذابح وانتشار الفيديوهات الدموية التي تؤجج المشاعر، وتلهب الإحساس الديني، وتفجّر براكين الغضب في الصدور تمهيداً لحرب أهلية طائفية تقسم العراق للأبد، وتنجم عنها دولة جديدة على الحدود الشمالية للكويت والسعودية تحتضنها إيران وتدعمها واشنطن؟
أعتقد أن الأيام القليلة المقبلة «حبلى» بقرارات مصيرية تلعب فيها مصر دوراً مهماً بالرغم من الظروف العصيبة التي تمرّ بها.. لكنه قدر الشقيق الأكبر.. حتى لو كان«بعافية شوية».
وحفظ الله مصر وشعبها وجيشها من كل سوء.
حسام فتحي
twitter@hossamfathy66