الكراسي تهتز تحت الجالسين -بقلم :محمود الشربيني

------------------------------------------------
-قبل ان تقرأ:قبل اسبوع قطع نفر من بلطجية القليبوبيه الطريق علي لواء شرطه عند "مزلقان قرية كفر طحا"(طحانوب) التابعه لمركز شبين القناطر بمحافظة القليوبيه ..كان المشهد مهينا ومحبطا الي اقصي حد ..تأمل المشهد يكشف عن ان مصر تغيرت بدرجه مخيفه ..فالرساله واضحه تماما ..فلامجال لهيبة الدوله علي الاصعده كافه!
*************
-انتشر خبر سلب سيارة اللواء -ولاشك انه كان مسلحا-بسرعه ..ومع ان الحادث ليس هو الاول ولن يكون الاخير الا ان مواجهته لم تكن مواجهة محترفه ..كالعاده ! لقد عادت السياره بعد تدخل "وسطاء البلطجه"..وليس بسبب تعقب الشرطه للجناه وضبطهم .بل علي العكس فان  "المحترفين" في الشرطه حضروا الي المكان بعد خراب مالطه !!شاهد الاهالي حمله قوامها"بوكسين تلاته وعدد من الظباط وشوية مخبرين" يحملون بنادقهم العتيقه التي يسخر منها المصريون ويصفونها بانها تنتمي الي عصر سيدنا نوح .. هؤلاء وراحوا يجوبون المكان لبعض الوقت ..ثم "زهقوا من اللف "فماكان منهم الا ان عادوا الي "ثكناتهم" الشرطيه ..من دون ضبط احد من الجناه !
-صدق او لاتصدق ان جبروت البلطجيه بلغ حد ان يظهروا علنا ب"رشاشاتهم الآليه في اي مناسبه اجتماعيه!! حتي في "محازن" العزاء ..يدخلون ويقدمون تعازيهم الواجبه وهم مدججون بالسلاح ،فيما يتولي حراستهم نفر اخر منهم بالخارج !! والغريب ان احدا من المواطنين لا يتكرم بمخاطبة الشرطه طالبا حضورها للقبض علي مثل هؤلاء المجرمين الذين داخت الشرطه"السبع دوخات" بحثا عنهم ؟ بل ربما يفرح بعض الناس اذا فشلت الشرطه في تعقبهم  وضبطهم ..فالهوه عميقه وسحيقه بين الناس وهذا الجهاز ،رغم ان قطاعا عريضا من المصريين-لاسيما القاهريين- تصالحوا مع الشرطه اثناء ثورة يونيو ..كما تزايد تقديرهم لتضحيات الشرطه-والجيش ايضا- في مواجهة الارهاب .. وهو حقا جهد مقدر..واستذكر هنا تفسيرات عديده في هذا الصدد من بينها ان الشرطه التي كسرت في جمعة الغضب "شمت نفسها" بعد يونيو ،ولكنها بدلا من الاستئساد علي البطجيه والارهابيين فقط ،"اخذت في الرجلين" مواطنين وبسطاء واخرون من سيئي الحظ الذين تعثروا في طريق الشرطه ..وزاد الطين بله بان عاملتهم اسوا معامله، من التعذيب والاهانه الي السحل وربما القتل .وبالتالي ذهب "ألق"المصالحه مع الشرطه بمرور الوقت.. وصدق او لا تصدق ان بعض الناس يعلمون باماكن اختباء البلطجيه ومع هذا فهم لا يدلونهم عليهم وبعضهم محق في ذلك، فعقلية الشرطه مازالت كما هي ، فعند اول مواجهه مع البلطجيه المقبوض عليهم فان الضباط "يشوون" بالمواطنين الذين تعاونوا معهم وارشدوا عليهم!!
-نحن اذن امام ازمه عميقه ، طولها ثقافه تعامل رديئه،وعرضها سياسة عمل خاطئه ، وعمقها تفكير عقيم في مواجهة الاحتياجات الامنيه وهنا تثور التساؤلات :هل بمثها باحثون ودرسها علماء وقدموا لها حلولا ؟ هل وصل الاعلام المصري الي الناس وحاول ان يتفهم دوافعم واسباب سلبيتهم في مواجهة البلطجه ؟
- كثير ماتمنينا ان يقدم  اللواء محمد ابراهيم حلولا جذريه علي صعيد هيكلة وزارة الداخليه .وبما يتيح العمل المتوازن في هذا الجهاز بحيث لايطغي السياسي علي الجنائي ،وان يسير كلا القطاعين في طريق يحقق للناس الامن المفقود، لكن لم نر تغييرا في الافكار والاساليب ..بل شهدنا اخفاقات ماكان واجبا ان تحدث مطلقا مثلا :يعترف وزير السياحه هشام زعزوع بان منطقة الهرم السياحيه تعاني من تزايد اعداد "المتحرشين"..فاين شرطة السياحه ..بيشربوا قهوه وشاي مثلا؟!استمرار عمليات السلب والنهب علنا وفي كبد النهار ..استمرار الفشل الامني في تامين المباريات الكرويه وتفضيل اجرائها بدون جمهور منعا لمواجهة محتمله شهدنا بعضها من اولتراس الاهلي والزمالك ..فهل المنع هو "الحل"ام ان "الحل المفقود " حتي الان هوالذي يكشف اوجه قصور عديده في الاداء..والاسوأ من هذا انها مستمره ومستفحله من دون معالجه!
- المعروف ان اطباء الامتياز يقضون سنه كامله في التدريب العملي في المستشفيات قبل ان يعينوا ..فماذا عن طلبة اكاديمية الشرطه؟ لماذا لاتكون الستة شهور الاخيره من عامهم الدراسي الاخير تدريبا ميدانيا في العمل في مواقع اقل التهابا مما لا يستوجب اسنادها الي "محترفين" في الشرطه قد يكونوا سحبوا من مواقعهم الاصليه للالتحاق بعمليات مكافحة الارهاب ؟ لماذا لا يشارك طلبة الشرطه في تامين المواقع السياحيه الشهيره والتي ينتشر فيها التحرش والبلطجه الاجتماعيه؟ لماذا لا يخصص جزء من التعاقدات الدوليه مع الدول الصديق لمصر علي تحديث جهاز الشرطه بالاليات والاسلحه والتدريب ماذا يضير مصر لو طلبت الي الدول المانحه المساعده في تميل خطط من هذا النوع ؟ اليس الامن عماد الحياه في اي مجتمع ؟ الم نكن نزهو علي مر العصور بان "ادخلوا مصر بسلام امنين"؟الم يكن ممكنا احداث طفره-تقدم رساله صحيحه للمجتمع-بمكافحة البيروقراطيه وسوء المعامله والفساد في ادارات العمل التابعه للشرطه مثل خدمات تصاريح العمل واصدار الجوازات والرخص المروريه والفحص الفني ؟ وهل يسوغ لنا توجيه الطاقات لمكافحة الارهاب استمرار مثل هذا الاداء المتدني والمهدر للادميه في كافة الادارات الشرطيه المتعامله مع الجماهير العاديه
- بعد ان قرات:لست اعتقد ان طفره ستحدث في العقليه الامنيه في الفتره المقبله كما وعد اللواء سيد شفيق مؤخرا ..فقد ادهشني ان رئيس الوزراء الجديد "يخرج من نقره ليقع في دحديره" كمايقول المثل العامي الشهير.فهو ابقي علي نحو 20 وزيرا ومع هذا يدعي ان المستوزرين جميعم مقاتلون(منين ياحسره؟!..وقد اختبرناهم بالجمله؟!)كما انه تراجع عن اختيارات صحيحه رضوخا لرغبات او مصالح بعض القطاعات في وزارات الثقافه والعدل وغيرها ..وقد ابقي علي العشرين واطاح بآخرين من دون ان يقل لنا لماذا ابقي ولماذا استبعد ولماذاكلف ؟ وبعد فضيحة عادل عبد الحميد تبرز علي السطح فضائح "مكافات سائقي ومستشاري وزارة الماليه والتي سيطويها النسيان من دون تحقيقات ..خرج الب .بلاوي من دون ان يكاشفنا بمساويء تجربته وجاء محلب -للذي استبشرت به خيرا قبل شهرين واشدت بعمله ..لكنه طيلة هذه المده لم يصغ لنا "رؤيه" و لم يقدم لنا"حلما"او يظهر "ادله "علي استحقاقه للجلوس علي كرسي جلس عليه يوما سعد زغلول ومصطفي النحاس وجمال عبد الناصر ولذلك استعير مقولة فؤاد سراج الدين الشهيره :"الكراسي تهتز تحت الجالسين عليها "..بسبب استمرار نفس السياسات والافكار العقيمه!!