شكرا سيادة الرئيس –بقلم :محمود الشربينى
قبل ان تقرأ:الثلاثاء الماضي حينما نشر مقالي"جزيرة"التليفزيون المصري كان لدي شعوراطاغيا بان "الدوله"،في اعلي مؤسساتها، لن تترك الامر يمر هكذا! كان مستحيلا ان يمر هكذا .. كيف يودع الناس "احمد فؤاد نجم" ملفوفا في "كوفرته؟!كيف لا يشيع الي مثواه الاخيربوداع "رسمي" مهيب، يحتضن فيه "علم الوطن" جثمانه النحيل، ذلك الوطن الذي لطالما آمن به وغني له وعاش من من اجله..واكد عشرات المرات ان شعبه هو الشعب المعلم!
-كان لدي يقين ان" الدوله"لن تخذلني، فمنذ صبيحة ذلك اليوم، الذي حمل الينا نبا "انطفاء" شمعة "النجم" في دنيانا-وان بقيت جذوتها هاديا ومنارا للباحثين عن كبرياء الاوطان وكرامتها ومستقبلها-وانا اطالب بتكريمه بما يستحق،وان نودعه بما يليق ب"مصر"اولا،وذلك بمنحه ارفع الاوسمه, فقد صدمني انه شيع الي مثواه الاخير ملفوفا في " كوفرته"!!وكان اكثرما قصم ظهري قول احدهم (من الاخوان المجرمون) ان"نجم" ووري الثري في مقابر" الصدقه"!!وزاد علي ذلك شماتته فينا بالقول: ان هذه المقابر شيدها "الاخوان"!اذن فما افدح المصاب وما اكثر الوجع! وكان ان ترجمت وجعي ذلك في مقال نشرته جريدة روزا اليوسف اليوميه وموقع "مصريون في الكويت" بعنوان "نجم في مقابر الصدقه"!وهالني كذب وخبثهؤلاء الناس،ففي نفس اليوم نفت ابنته" نوارة الانتصار"ادعاءات الاخواني المتشفي فينا وفي "نجم مصر"!
- في صباح يوم الرحيل دعوت "سيادة الرئيس عدلي منصور"، ذلك الرجل النبيل ، والقاضي الجليل، ان يمنح "نجم" وسام العلوم والفنون والاداب، وان تقوم الحكومه بتشييد مقبره له تصبح مزارا له ، آملا ان تضم ايضا رفاة رفيقه " الشيخ امام"، ايذانا بداية انتهاء خصومة الدوله مع هذين الفنانين العاشقين للوطن،كانت هناك اصداء لما كتبته, ورغم ان زميلنا نائب رئيس التحرير في " الجمهوريه" محمد هزاع اعتبر ان التكريم الشعبي هو الاهم وهو الابقي،فان برنامج"اخر النهار- محمود سعد" نقل الينا مطالب مماثله من المناضل احمد بهاء الدين شعبان - وكان سجن مع "نجم" في اعقاب مظاهرات الطلبه68- وايضا قرأت دعوه اخرى للناشطه اكرام يوسف لتكريم "شاعر الشعب" وكذلك الزميله حنان البدري واخريات.
- نشرت "روزا اليوسف" المقال، كما نشر محرر صفحة الراي فيها الزميل "صلاح نويره" مقال انسانيا مدهشا عن النجم،ومنذ ذلك اليوم لم تتوقف مطالبتي للدوله بانهاء خصومتها مع نجم ، وعلي مدي اربعة ايام تقريبا لم اكف فيها عن الالحاح والمطالبه بمثل هذا " الرد الرسمي" لاعتباره، حتي فاجاني صلاح نويره بتعليق له علي احد"البوستات"يفيد بان الدوله منحت النجم الوسام ،مذكرا بما كتبته في هذا الصدد، كما نوه اصدقاء اخرون علي فيس بوك بمطالباتي بتكريمه.
- شعرت بسعاده غامره، ليس لان لي مقالات –او كتابات-دعت الي ما تحقق من احلام، ولكن لان "الرئاسه" استجابت ل" احساس" الشعب واعلنت في" باقه" تكريم جميله، ضمت خالد محيى الدين فارس اليسار المصري( الذي انتمي اليه)والمؤرخ عاصم الدسوقي والرئيس الراحل محمد نجيب..عن نوع من "المصالحه" بينها وبين من افنوا حياتهم في خدمة الوطن.. فما اروع ان يستذكر الوطن بالتكريم, ابناءه الذين رفعوا راياته ونثروا في ارضه كل رحيق الابداع, وبذروا بذور النضال واثروا في الوجدان بما هو خالد على مر الازمان .
- هنا اذكر ايضا باننى لم ولم انسي بالطبع الخال الجميل عبد الرحمن الابنودي،شاعر النضال والارض والعيال،الذي حول حتي الوجع المصري والبؤس المصري والفقر المصري الي "غناء", ولا اخفي اننى بعد رحيل "النجم",وبعد ان نشر الابنودي رباعيته الحزينه: خايف اموت وتموت معايا الفكره/ لاينتصر كل اللي حبيته..ولا ينهزم كل اللي كنت اكره/إتخيلوا الحسره .. اتخيلوا الحسره..شعرت بالخوف الشديد ولن ازيد.
- شكرا سيادة الرئيس انك استجبت، وانك تفهمت،وانك -بقرارك تكريم هؤلاء النجوم الزاهره في الوطن- غمرتنا بالسعاده واعدت الينا شعورا" بالزهو الانساني والكبرياء البشري"،وهي عباره استعيرها من الكاتب الكبير يوسف القعيد، كان "نحتها" في وصف الاستاذ محمد حسنين هيكل، في معرض حديث له عنه (والسؤال هنا يطرح نفسه متي نكرم "هيكل "ومتى نسعد بمنحه هذه القلاده الرفيعه؟).
-شكرا لانك هدات خواطرنا ,فما احوجنا الى نلملم شتاتنا,وان نجعل شعبنا الصامد الصابر على المكاره يتنسم "عبق"التوحد والتكاتف خلف قيادته ,في زمن يملؤه "الاخوان المجرمون" حرائقا, والنخبه-في اغلبها- مصائبا وفسادا وافسادا,ولعلى استذكر هنا تعبيرا صكه الاستاذ "هيكل" في تشخيص"ازمة"كلنا نشعر بها وهى عدم وجود اشخاص قادرين على الاضطلاع بالمسئوليات الوطنيه اذ قال اسفا(في حديث له مع البرادعى):
البلد حصل فيها تجريف كبير وكتير في عهد "مبارك".ولكن مايثير الاسى والحزن اننا-كمجتمع- لم نعد نستطيع ان نعيش من دون المشاركه في "شرعنة"هذا التجريف ومنتجاته.لقد طال التجريف "كريمة" المجتمع ونخبته, وهو ماتتجلى مظاهره بقوه في ان غالبية متصدرى المشهد الحالى"اضحوا اكاذيبا"متنقله فى حياتهم اليوميه, يبعثرون الكلمات" المتستفه" ، ويدعون حرية لا يؤمنون بها ،ويتعبدون ويتغزلون فى شعب لايحترمونه ،ولايهمهم ان يتواصلوا معه ،او يسالون عنه ،او يحملون بحق همومه ومعاناته,كما حملها نجم وعشرات من مناضلى مصر في زمانها الجميل ؟كم من هؤلاء ذهب الى الناس ليتحدث معهم عن اخطار المرحله؟كم منهم التصق بالناس مثلما فعل نجم وامام ؟كم من ائتلاف ثورى(!!)او ناشط سياسى اناركى او اشتراكى ثورى(!!)اتسق مع نفسه ومع ايمانه بشعبه و ذهب الى النجوع والكفور في النوبه والمنيا وصعيد مصر "الجوانى"؟كم من اتحاد نسائى مثلا ذهب لمواساة اسر شهداء فى الجيش والشرطه؟ كم جمعيه خيريه سالت عنهم؟ كم مستوصفا فتح ابوابه امامهم لمعالجة ذويهم بالمجان.. او حتى ارسل وفودا طبيه تعودهم؟!من من هذه الكريمه "الوهم- الاكذوبه" ذهب الى الناس ليتحدث معهم عن الدستور ؟اكثرهم يفضلون موعدا مع "بغى" على اداء واجب وطنى وطبيعى وضرورى كهذا –بعد ان قرات:الامثله كثيره على"تجريف" عقول هولاء..انهم يفضلون "اللحاف"على التعاطف مع برد الجياع والفقراء والغلابه والمطحونين وعامة الشعب المصرى الطيب..تاركين لنجم والابنودى وقله قليله مخلصه خوض المعارك اليوميه مع الناس شعرا وابداعا!!مره اخرى "شكرا ياريس".