على الرغم من اهمية وحيوية وخطورة العبث بحصة مصر من مياه نهر النيل العظيم، فإن الموقف الرسمي المصري حول سلسلة سدود النهضة الإثيوبية مازال ضبابياً، وغير مؤثر.

أما الموقف «العلمي» فهو المحير بالفعل!

فالصديق العزيز الأستاذ الدكتور نادر نورالدين الأستاذ بقسم الأراضي والمياه بكلية الزراعة جامعة القاهرة، ومؤلف العديد من الكتب والدراسات عن حوض نهر النيل يصرخ محذراً من أن سلسلة سدود النهضة الاثيوبية الأربعة هي إبادة جماعية، وإعلان حرب على مصر، موضحا ان المنتمين الى عالم خبراء المياه يعلمون أن سد النهضة ليس سداً واحداً، بل سلسلة مكونة من 4 سدود بسعة إجمالية 200 مليار متر مكعب على النيل الأزرق الذي كل تصرفه 48 مليار متر في السنة، ويمد مصر والسودان بنحو %64 من حصتيهما في مياه النيل.

ويشرح أن معدل وجود الطمي العالي في المياه سيؤدي لردم سد النهضة الإثيوبي تماماً خلال  50 عاماً فقط لذلك ستضطر إثيوبيا لبناء 3 سدود أخرى خلفه لتقليل عملية غمر السد الرئيسي بالطمي، وستكون سعة كل سد فيها 40 مليار متر مكعب أخرى، ويستشهد بخرائط من وزارة الري الإثيوبية نفسها مؤكداً أن هذه السدود تشكل تحدياً رهيباً لمصر، يصل إلى وصفه بـ«مشروع إبادة جماعية للمصريين» ويعد حقيقة «إعلان حرب على مصر».

وأنا أثق تماماً في وطنية صديقي د.نادر نورالدين، ولا أشك لحظة في أمانته العلمية، وفهمه الكامل لتخصصه.

لكنني أجد على الجانب الآخر أساتذة أيضاً.. ومتخصصين أيضاً مثل د.هيثم ممدوح عواد، الأستاذ المساعد بجامعة الإسكندرية، والذي لا أشك أيضاً في مصريته ووطنيته واحترامه للعلم الذي يدرسه لطلابه، وأجده يؤكد أن سد النهضة بصفة عامة مفيد لمصر، وهو يتمسك برأيه منذ عام 2009 دون تغيير، ويقدم الأدلة الهندسية على صحته.

والمشكلة الآن أنه في مثل هذا الأمر الحيوي، لا بل المصيري الذي يعد فعلياً «مسألة حياة أو موت» لشعب كامل، لماذا لا يتم تشكيل لجنة علمية، وتكليفها بدراسة موضوع السدود خلال مدة محددة، والوصول إلى رأي علمي واحد، يكون هو وجهة النظر المصرية الرسمية، ويحوي كل الأبعاد العلمية والسياسية والاستراتيجية، حتى يستطيع صانع القرار أن يتخذ قراره النهائي والحاسم، بعيداً عن تضارب الآراء، غير المتخصصة؟

أم هل سننتظر حتى «تقع الفاس في الراس»، وندخل فعلياً ضمن الشعوب التي تواجه خطر العطش؟

وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.

حسام فتحي


hossam@alwatan.com.kw

twitter@hossamfathy66