.. لا تحاول البحث في «لسان العرب» أو معاجم اللغة عن معنى «الأمشه»، فنحن المصريين نفعل بحروف لغتنا العربية ما نريد، نقلب القاف همزة عندما نرغب، ونحيل القاف نفسها كافاً إذا شئنا، ونبدل السين بالصاد كما نريد، لذلك لا تبحث عن «الأمشه»، واكشف عن معنى «القمشة» ستجدها «سوط من الجلد».. ولأننا مع الاحتلال التركي، استخدمنا ألفاظا كثيرة تنتهي بحرفي «جي» أي صاحب الشيء، مثل كلمات: العربجي ـ البلطجي ـ السفرجي ـ القهوجي..إلخ، فأصبحت كلمة «الأمشجي» تعني حامل السوط، لكنها اقتصرت عمليا على وصف ذلك الشخص الذي يحمل عصا خيزران رفيعة تحدث صوتا عند اختراقها للهواء، و«تلسع» إذا لامست الجسد، دون أن تحدث إيذاء شديدا، وعادة ما يهرول «الأمشجي» حافي القدمين أمام «العربجي» الذي يحمل في عربته «الأغا التركي» أو أحد الأعيان المصريين وعلية القوم، وهو يصرخ بصوت جهوري: «وسَّع يا جدع.. وسَّع للبيه».. أي انه كان يقوم بعمل الدراجة النارية التي تسير أمام موكب أصحاب الحظوة والسعادة والسيادة، وبين عمل «البودي جارد».. ولكن بدلا من الأضواء المتقطعة و«سارينة» الدراجة، أو البدلة والنظارة السوداوين وقطعة السلاح و«الإيربيس».. كان يختزل كل ذلك في «الأمشه» وصيحة «وسّع يا جدع».. وقدرته على الجري لمسافات طويلة أمام الحصان الذي يجر العربة والـ... لا مؤاخذة الذي يقبع داخلها!!

.. وكأشياء كثيرة أخرى تجاوزتها المرحلة اختفى «الأمشجي» بشكله الرث وقدميه الحافيتين وخيزرانته الرفيعة وصيحته الشهيرة «وسّع يا جدع»، ليعود في أشكال متعددة ومختلفة: فتجد المذيع «الأمشجي» الذي يخصص جل وقت برنامجه وهو يعزف على لحن «وسّع للبيه» محاولا تلميع البيه وفرضه على المشاهد سواء كان هذا البيه وزيرا أو طبيبا سبق أن دفع ثمن البرنامج فوق الطاولة أو تحتها.

وتجد الصحفي «الأمشجي» الذي خصص قلمه لترديد عبارة «وسّع يا جدع» متملقاً رجل أعمال أو صاحب نفوذ متمنياً «الرضا».

وتجد موظف الحكومة «النابه» الذي اختصر الطريق والتصق برؤسائه لاعباً دور الموظف «الأمشجي» تاركا عمله ووظيفته.

أما أخطر أنواع «الأمشجية» فهم من يفرضون أنفسهم على المسؤول الكبير دون طلب منه ـ أو من أي أحد ـ والأعجب أن المسؤول لا يلتفت إليهم قائلاً «عيب»!!

وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء