الاعتداء على الأقباط .. بين العقيدة والسياسة تفجير الكنيسة المرقسية بالعباسية الذي وقع يوم الأحد 11ديسمبر2016م والذي راح ضحيته خمسة وعشرون قتيلا وخمسون مصابا والذي أعلن التنظيم الإرهابي (داعش) مسئوليته عنه فإنه بعيدا عن السؤال عن كيفية وصول أعضاء هذا التنظيم المتطرف إلى داخل القاهرة ومن هم الذين يؤيدنه ويدعمونه من خلايا نائمة أو نشطة داخل مصر فإن السؤال الذي يطرح نفسه على بساط البحث بصرف النظر عمن قام بهذا العمل الإرهابي هل هذا العمل ينبع عن عقيدة دينية أرشدنا إليها المولى عز وجل في محكم التنزيل أو وجهنا إليها النبي محمد صلوات الله وسلامه عليه؟
 
فإن كان الجواب بالإثبات - أي أن هناك أدلة من القرآن والسنة تؤيد ذلك - فلماذا يتم الاعتداء على الكنائس والكاتدرائيات للأقباط داخل مصر فقط ولا يقوم التابعين للتنظيمات الإرهابية التي تدعي الانتساب إلى الإسلام والتي تؤمن بهذا التوجه بتفجير الكنائس ودور عبادة غير المسلمين داخل البلدان العربية الإسلامية التي يعيش فيها غير المسلمين من كافة الديانات أمنين ويقيمون طقوسهم دون غضاضة أو تعرض مادي أو أدبي؟ ولماذا لا يتم الاعتداء على دور العبادة لليهود والمسيحيين في عقر دارهم بالبلاد التي دينها الرسمي هاتين الديانتين وربما هؤلاء يقومون باستفزاز المسلمين ومضايقاتهم بصورة شبه يومية فمن باب أولى هؤلاء هم الأجدر أن يتم الانتقام منهم إذا كان ذلك هو التوجه الصائب دينياً من وجهة نظر هذه الجماعات المتطرفة.
 
ونظراً إلى أن القناعة الراسخة لدى المسلمين المعتدلين الذين يدينون بهذا الدين العظيم هو أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال الاعتداء على الآمنين سواء من أهل الكتاب أو ممن لا يدينون بدين طالما أنهم لا يعلنون الحرب على ديار الإسلام أو يخرجون عن أطر الالتزام والاحترام للمسلمين وهذا ما جاء به القران الكريم في العديد من أي الذكر الحكيم والتي لا يتسع المقام لسردها وأيضاً هذا ما حضنا عليه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام. إذن فإن ما يحدث داخل مصر من تفجيرات لدور العبادة للأقباط المصريين ينطوي على بعد سياسي محض ونتيجة خلاف بين الدولة والجماعات التي تزعم الانتساب إلى الإسلام أياً ما كان مسماها فكلهم يجمعهم الفكر المتطرف الذي يحيد عن الوجهة الصحيحة للدين القويم ولنأخذ دليل على ذلك هو أنه عقب الإعلان عن ثورة الشعب المصري والتي وقف بجوارها الجيش في 30 يونيو 2013م والتي بدأت بتأسيس الحركة المسماة(تمرد) في26إبريل2013م أعقبها الخروج المدوي للشعب المصري بسائر المحافظات وكانت علامة فارقة في تاريخ مصر قلبت الموازين والحسابات العالمية التي تم التخطيط لها لتغيير خريطة الشرق الأوسط على غرار ما حدث قبل مائة عام في اتفاقية سايكس بيكو
 
وكان من نتيجة تأييد الكنيسة القبطية المصرية للرئيس عبد الفتاح السيسي في إعلانه لخارطة الطريق لإنقاذ الوطن أن أضمر الإخوان الشر لأقباط مصر نتيجة لتوجههم هذا ومن جهة أخري وضع النظام السياسي القائم في مصر في مأزق مع الأقباط لإظهاره بالعجز عن حمايتهم وحماية مقدساتهم وبالتالي فإن قتل الأبرياء من الأقباط أو غيرهم لم يقم على منهج ديني صحيح يبيح هذا التوجه المقيت ولكنه نتاج خلاف سياسي بحت توعد به الإخوان عقب الإطاحة بنظامهم والشاهد على ذلك هو ما قالوه وأفصحوا عنه عقب فض اعتصام رابعة بتاريخ 14 أغسطس 2013م من تهديد ووعيد للنظام ولسائر المصريين مسلمين وأقباط.
 
ومن ثم ننتهي إلى السؤال التالي هل من المنطق الديني أن يلجأ المسلم لقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق لمجرد خلاف سياسي أياً ما كانت أبعاده وأياً ما كانت نتائجه من أجل تبوء منصب أو الصعود إلى مركز أو حتى السعي إلى سدة الحكم في الدولة؟