منذ تلقينا النبأ الحزين بشأن  اختفاء طائرة مصر للطيران التي اقلعت من مطار شارل ديجول في باريس  وتحمل على متنها ٦٦ راكبا متجهة الى القاهرة  منذ اختفائها عن شاشات الرادار الى ان تأكد سقوطها وتحطمها ومن ثم عثور القوات المسلحة على اجزاء من حطامها واشلاء بعض الضحايا ونحن نعيش على مدى  قرابة ٧٢ ساعة حالة من السباق مع الزمن نظرا لتلاحق الانباء عن تطورات حادث الطائرة المتكوبة واشتد حزننا بعد ان بات شبه مؤكد ان جميع ركاب الطائرة قد لقوا حتفهم رحمهم الله وادخلهم فسيح جناته والهم اهلم وذويهم الصبر والسلوان 
وبطبيعة الحال وفي مثل هذه الاحوال تكثر الشائعات الا اننا حرصنا على استقاء معلوماتنا من مصدر واحد موثوق فيه هو التلفزيون المصري الذي ابدع في التغطية الاعلامية على مدار الساعة لدرجة جعلتنا نشفق على الكوادر العاملة فيه التي امضت ساعات طويلة في التغطية المتواصلة  ليس فقط من مذيعين بل ومعدين ومراسلين وجنود مجهولين خلف الكواليس قدموا لنا وجبات اعلامية متكاملة جعلتنا نعيش في قلب الحدث من مختلف جوانبه ناهيك عن استضافة اعداد كبيرة من الضيوف المختصين الذين قدموا لنا معلومات قيمة في مجال الطيران والطائرات والصيانة والرحلات والصندوقين الاسودين اللذين عرفنا لاول مرة ان لونهما برتقالي ويحتويان على معلومات غاية في الاهمية احدهما يحوي معلومات عن ماحدث في كابينة القيادة والاخر يقدم قراءة وافية حول مدى كفاءة اجهزة الطائرة خلال الرخلة بالاضافة الى لقاءات مميزة مع ذوي الضحايا للتعرف على مزيد من التفاصيل بشانهم واسرهم 
وكالعادة لم يفوت اعداء مصر الفرصة فاخذوا يوجهون الاتهامات لمصر ولشركة مصر للطيران بالاهمال والتسيب واللامبالاة رغم ان الطائرة اقلعت من مطار دولة كبرى بل ومن اكثر الدول التي تعرف باحكام الاجراءات الامنية في مطاراتها  فلم يجدوا ما يقولوه او يزعموه فقالوا ان الطائرة كانت تعطلت في عام ٢٠١٣ فجاء ابلغ  رد عليهم من وزير الطيران المصري شريف فتحي  ان اي طائرة تتعطل يتم اصلاحها وتطير من جديد واذا استدعى الامر يتم استبدال قطع فيها وكان شيئا لم يكن  ورغم انهم يعلمون ذلك جيدا الا ان هذه هي عادتهم يحاولون التصيد في الماء العكر 
اما ما اثلج صدورنا خلال هذه الكارثة البشعة هو التعامل الراقي للدولة مع الكارثة بدءا من الرئيس الذي سرعان ما تراس اجتماع  مجلس الامن القومي لمتابعة حادث الطائرة المنكوبة  مرورا بوزير الطيران الذي ابدع في التعامل مع وسائل الاعلام بحرفية ومهنية وشفافية وصولا الى القائمين على مصر للطيران الذين تعاملوا بمهنية مع الحدث وبرقي مع ذوي الضحايا باستضافتهم في احد الفنادق القريبة وسعة صدرهم في الرد على كافة استفساراتهم  بالاضافة الى تكاتف وتعاضد وتعاون اغلب المصريين مع بعضهم البعض كعادتهم عند الشدائد فتشكلت صورة ايجابية تستحق التقدير والاعزاز في ظل ظروف كارثية حزينة لم تكن تتحمل ان نرى من كل هذه الاطراف اقل من هذا التعامل الراقي حتى لا يزيد الطين بلة 
وختاما احب ان اشيد بمستوى ضبط النفس عند المسؤولين المصريين حيث لم يخرج علينا احدهم يتهم فرنسا بالتواطؤ  او يعلن منع طائراتنا من السفر اليها مثلما فعلت دول اخرى ابان حادث الطائرة الروسية او غيرها من الحوادث الاخرى وهو ما يؤكد ان مصر بلد مؤسسات وقوانين ومسؤولية بعيدا عن التسرع والعشوائية في اتخاذ القرارات غير المدروسة 
حفظ الله مصر وجيشها وشرطتها وشعبها ورئيسها وكل الشرفاء من الدول الشقيقة والصديقة 
وعلى فكرة  ان شاء الله مستمرون في السفر بواسطة الرائعة " مصر للطيران " 
‏‫