اشتعلت المواجهة وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي ومن تطلق عليهم "مافيا التجار" ممن يحاولون"الاستيلاء علي مليارات الجنيهات من دعم الدولة للفلاح.
 
وقائع هذه القضية تعود إلى عادات غذائية تراكمت علي مدار سنوات طويلة جعلت من رغيف الخبز الوجبة الأساسيةلملايين الفقراء ، وأمام الزيادة المضطردة في تعداد السكان الذي تجاوز حاجز ال90 مليون نسمة مطلع هذا العام وتآكل الرقعةالزراعية أصبحت مصر في صدارة الدول المستوردة للقمح حيث تحرك طلبات استيرادها مؤشرات الصعود والهبوط في أسعارالبورصات العالمية للقمح حيث تستورد سنويا بنحو 16 مليار جنيه مصري.
 
الأزمة تتجدد أول أبريل من كل عام مع بداية موسم حصاد القمح المحلي الذي اعتاد الفلاح علي توريده مقابل دعم يعادل ضعف السعر العالمي تشجيعا لزراعته ، بما يكلف خزانه الدولة نحو ستة مليارات جنيه إضافية، لم تفلحمحاولات وزارة التموين والتجارة في الهروب من هذا المأزق بدعم الفلاح نقدا في مقابل تحرير أسعار شراء المحصول لتوكب الأسعار العالمية وتراجعت الحكومة عن تحرير سعر القمح المحلي أمام إحجام الفلاحين عن زراعة المحصول و ضغوط أعضاءمجلس النواب.
 
15 مليون طن سنويا حجم الاستهلاك الفعلي للشعب المصري من القمح ، حيث يبلغ نصيب الفرد 180 كيلوجرام سنويا، تشير الأرقام الواردة من وزارة الزراعة والمستندة إلى الحصر الفعلي للمساحات المنزرعة التي تبلغ 3.4 مليون فدان تنتج نحو9.4 مليون طن ، من المتوقع أن يتم توريد أربعة ملايين طن للحكومة تقدر قيمتها ب 11 مليار جنيه مصري ، بمعدل تراجعنحو مليون طن عما تم توريده العام الماضي لتزيد بذلك احتياجات مصر من القمح المستورد إلى 11 مليون طن .
 
مافيا الدعم والوسطاء هذه الفئة التي تحقق أرباحا خيالية وغير مشروعة باستيراد القمح بالسعر العالمي الذي يبلغنحو 1500 جنيه مصري للطن ويقومون بتمريره إلى الشون الحكومية بطرق غير مشروعة بمبلغ 2772 جنيه الأمر الذي دفعالحكومة المصرية لإصدار قرار بحصر استيراد القمح طوال موسم حصاد وتسليم القمح المحلي الذي يمتد لنهاية مايو المقبل ،ومع تضييق الخناق علي محاولات التهريب باستلام القمح من الفلاحين المسجلة زراعاتهم في قاعدة بيانات الحصر الفعلي ومصادرة أية كميات من القمح غير معلومة المصدر، علت أصوات هذه الفئة وحاولات اختلاق ازمة بين الحكومة والفلاح.
 
وأمام حالة الصخب التي نجمت عن احتجاج الوسطاء علي كشوف الحصر الفعلي واشتراط تقديم الحيازة الزاعية للحصول علي دعم القمح، سراعان ما تحولت إلى ضغوط نواب بالبرلمان علي الحكومة تدخل علي إثرها رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبدالعال لدي رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، إلا أن ما قدمته وزارة الزراعة من تسهيلات للفلاحين والمزارعين بالاستغناء عن شرط تقديم الحيازة الزاعية، لم يوقف تلك الضغوط التي وصلت إلى حد تلويح وزير الزراعة المصري د. عصام فايد باستقالته من الحكومة حال إجباره علي التخلي عن شرط الحصر الفعلي والسماح للوسطاء بتوريد القمح دون إثبات مصدره .
 
وزارة التموين والتجارة الداخلية - الطرف الأخر للقضية - لم تخض معركة الدفاع عن الدعم المقدم للفلاح لقناعةالدكتور خالد حنفي وزير التموين - الذي أبداها - باعتباره المنتج لسلعة الخبز، ضد سياسة تحقيق الاكتفاء الذاتي ، حيث يفضلالاعتماد علي الشراء من الأسواق العالمية لتدبير احتياجات الدوله وتحقيق فائض من موازنة الدعم قد يصل إلى 5 مليارات جنيه سنويا ؛ ناصحا الفلاح آن يتجه لزراعة حاصيل أخرى تضمن له هامش ربح ، وهوما يتعارض مع سياسات وزارة الزراعةالتي تقوم علي دعم الفلاح ومحاولة وتحقيق أقصي انتاجية للقمح المصري باعتباره سلعة استراتيجية، ولا تقف أزمات القمحالمحلي عند موسم التوريد، بل تمتد إلى سوء النقل والتخزين الذي يهدر نحو نصف مليون طن سنويا.
 
وتبقى أزمة توريد القمح المحلي سيناريو يتكرر كل عام ما لم تنتهي الحكومة من إعداد قاعدة بيانات إلكترونية تقدم من خلالهاالدعم للفلاح دون دخول وسطاء .
 
وتعتمد مصر بشكل أساسي على الاستيراد من مناشئ متعددة لتغطية احتياجاتها في مقدمتها روسيا وأوكرانيا وفرنسا .