صفقات عسكرية ومناورات بحرية، كانت هي الشاهد الأبرز على عمق العلاقات المصرية الفرنسية في الشهور القليلة الماضية، إلا أن التعاون الاقتصادي والجانب الاستثماري، سيحل في المرتبة الأولى لزيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، المرتقبة اليوم إلى القاهرة، ضمن جولته في منطقة الشرق الأوسط التي تشمل كلا من؛ لبنان ومصر والأردن.

ومن المقرر أن يبحث الرئيس السيسي مع نظيره الفرنسي، عددا من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، لا سيما مكافحة الإرهاب وتطورات الأوضاع فى ليبيا، بالإضافة إلى مبادرة فرنسا لعقد مؤتمر دولى لإنهاء الصراع الفلسطينى الإسرائيلي، كما سيحضر مراسم توقيع حزمة من الاتفاقات الاقتصادية والثقافية بين مصر وفرنسا. 

وتتضمن الاتفاقيات مشروعات فى مجالات معالجة مياه الصرف الصحى، وتطوير وسائل النقل الحضرى، والتعاون فى مجالات النهوض بقطاعات السياحة والآثار والتبادل الثقافى، لزيادة التواصل بين الشعبين، بالإضافة إلى التعاون والعمل على تنفيذ خطة للتعاون الاقتصادى والصناعى والتجارى ودعم مجالات التبادل العلمى التدريب الفنى والمهنى بين البلدين.

وأكد رئيس الوزراء الدكتور شريف إسماعيل، فى اجتماع تحضيرى سابق للزيارة أهمية الاتفاقات المنتظر التوقيع عليها لتعزيز التعاون بين البلدين فى جميع المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية، مشددا على ضرورة الاستفادة من الزخم الكبير الذى ستحدثه زيارة الرئيس الفرنسى إلى مصر فى تعزيز الروابط بين البلدين فى جميع القطاعات.

وصرح السفير حسام القاويش، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، أن الجانب الاقتصادي يعد الأبرز خلال الزيارة المرتقبة لـ"أولاند"، مشيرا إلى أن وفدا اقتصاديا رفيع المستوى سيرافق الرئيس الفرنسي خلال زيارته إلى القاهرة.

وأكد خبراء الشأن السياسي، أن الزيارة تبرز اهتمام الجانب الفرنسي بفرصه الاستثمارية الرابحة في مصر وعزمه على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في المؤتمر الاقتصادي السابق بشرم الشيخ، بينما رأى آخرون أن أغلب هذه الاتفاقيات ستكون مؤجلة نظرًا لصعوبة الوضع الاقتصادي لمصر.

السفير رخا أحمد حسن، أكد أن الزيارة تؤكد اهتمام العالم بالاستثمار في مصر، الذي يحصد عائدًا بنسب ربحية كبيرة مقارنة بالدول الأخرى، وهو ما بيحث عنه المستثمر في أي مشروع، كما أنها تأتي في إطار إكمال مذكرات التفاهم والمشروعات المتفق عليها في مؤتمر شرم الشيخ لدعم وتنمية الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى وصول حوالي 130 رجل أعمال مرافق للرئيس الفرنسي.

وأضاف، أن الجانب الفرنسي مهتم حاليًا بالمشاريع الخاصة بشرق التفريعة، نظرًا لكونها قريبة من مناطق الخدمات والمرافق وفي الوقت ذاته بعيدة عن سيناء، موضحًا أنه من الوارد توقيع اتفاقيات مع الوفد الاقتصادي في مجالات الطاقة والنقل والمواصلات.

وعن إمكانية الاستفادة من الوساطة الفرنسية في خروج مصر من أزمة مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، قال حسين، إن فرنسا تتفهم موقف الحكومة الإيطالية، وأقصى ما يمكن فعله من الجانب الفرنسي، هو تقديم المساعدة في مجال البحث والتحقيق، كذلك توضيح الصورة بشكل محايد ليس أكثر، لافتًا إلى أنه لا يجب تحميل الأمور أكثر مما تحتمل، خاصة أن المجتمع الأوروبي لن يهدأ إلا بالوصول للحقيقة ومعرفة المسؤول عن مقتل ريجيني وتعذيبه. 

من جانبه قال الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية، أن الغرب يبحث دائمًا عن مصالحه المباشرة، وكيف يمكنه الاستفادة من علاقاته الاقتصادية، إلا أن الظروف الاقتصادية التي تشهدها مصر حاليًا لن تسمح بذلك، وبالتالي فإن الإتفاقيات التي سيتم التوقيع عليها خلال هذه الزيارة، قد تكون اتفاقيات مؤجلة لحين تحسن الأوضاع الاقتصادية لمصر.

ولفت دراج، أنه من الممكن لمصر أن تستفيد من الوساطة الفرنسية في حل أزمة ريجيني، إلا أن الجانب الفرنسي لن يقبل ذلك الدور دون أن يملك صلاحيات في كشف الحقيقة، كما أنها لن تغامر بإقحام نفسها لصالح مصر، مقابل التنازل عن حقوق الإنسان.