المسألة «الريجينية» - بقلم: حسام فتحي
..في بداية تفجر قضية العثور على جثة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني كتبت أقول إنه من الغريب بل ومن شبه المستحيل أن يكون وراء التعذيب والقتل «جهة أمنية مصرية»، ليس بسبب أن أجهزتنا الامنية أفرادها من «الملائكة»، ولا لأنها فوق مستوى الشبهات في مسألة «التعذيب»، ولكن لسبب بدهي بسيط وهو أنها لا يمكن أن تلقي بجثة أجنبي مات تعذيباً على قارعة الطريق كي يجدها من يفتح على هذه الأجهزة أبواب جهنم، وان المنطق يقول إنه لو أن «جهازا أمنيا» وراء الجريمة لكان «أذاب» الجثة والمتعلقات وانتهى الأمر!
وبسبب «السوابق» وسوء السمعة التي تتمتع بها أجهزتنا الأمنية في مجال حقوق الإنسان، وكذلك بسبب حملات التشويه التي تتعرض لها والتي تزيد طينها بلة، سارعت وسائل الإعلام العالمية إلى إلصاق جريمة قتل ريجيني بأجهزة الأمن المصرية، وكان هذا حلا يرضي أطرافا كثيرة، ويبرر لأطراف أخرى سلوكيات وقرارات تضغط بها على مصر.
وتحت الضغوط، وأمام «العجز» في تقديم ما ينفي التهمة البشعة عن جهاز الأمن، قبلت مصر بأن يشارك في التحريات الأمنية فريق إيطالي رفيع المستوى، وأن يطلع على كل تفاصيل القضية ودقائق التحريات الخاصة بها، حتى تم التوصل إلى التشكيل العصابي الذي ينتحل صفة رجال الشرطة، والمتخصص في الاختطاف والسرقة بالإكراه، وبخاصة الأجانب، وتم تبادل إطلاق النار معهم ومصرع أفراد التشكيل بالكامل، والعثور على متعلقات «ريجيني» في منزل شقيقة زعيم التنظيم، حسب رواية الشرطة المصرية.
وعلى الفور تفجرت حملتان، إحداهما للتأييد والمباركة وتقديم الشكر للشرطة على جهودها، والأخرى للتشكيك في صحة الرواية واتهام أجهزة الامن بتلفيقها، استناداً الى تدهور سمعة المؤسسة الأمنية من جهة، ومن جهة اخرى إلى كمية الأدلة غير المنطقية التي عثرت عليها الشرطة ومصرع جميع أفراد التشكيل العصابي.
..وسواء كنت من المشككين في صحة بيانات «الداخلية»، أو من المباركين والمهنئين لها، فإن أجهزة الأمن مطالبة بتقديم أدلة وبراهين أكثر إقناعاً للنيابة وللفريق الأمني الإيطالي المشارك في التحقيق حتى يتم فعلا إغلاق القضية وتبرئة ساحة مصر من قتل الطالب الإيطالي، وإسدال الستار على «المسألة الريجينية» كلها، واستعادة سمعة مصر، وسائحي إيطاليا في نفس الوقت.
وعموما، فإن الأيام القليلة المقبلة ستكشف حقيقة اللغز لا محالة.
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء