مطاردة...
بقلم/اسامة ابوزيد
أدار محرك سيارته البيضاء الصغيرة في مواقف الانتظار. كان يشعر بالملل والفراغ. ليس لديه ما يفعله. لا يعرف اين يتجه. لفتت انتباهه سيارة فارهة توقفت في الصف المقابل. ترجلت منها امرأة اختفت ملامح وجهها خلف نظارة عريضة سوداء. توقفت امامها سيارة جيب ضخمة يستقلها رجل يرتدي ايضا نظارة سوداء. صعدت الى جواره، وانطلقا بسرعة.
شعر برغبة جارفة في متابعتهما. راح يطاردهما. كان قائد السيارة الأمامية يتمتع بمهارة عالية. اوشك ان يفلت منه ويتوارى. كادت سيارته الصغيرة تتعرض للتصادم أكثر من مرة. استعان بكل مهارته كي لا يغيبا عن ناظريه. قطعا مسافة كبيرة. اجتازا شوارع كثيرة؛ واسعة وضيقة. مزدحمة وخالية. كاد يعترف بفشله وينسحب. اجبره عناده على المتابعة. اخيرا توقفت السيارة اسفل مبنى شاهق. نزلا. استقلا المصعد الى احد الادوار العليا.
مازال يشعر بالفراغ. اصر على الانتظار قرب سيارتهما. مضت ساعة ثم ساعتان. راح يقلب محطات الراديو حينا ويعبث بهاتفه حينا اخر محاولا دفع الملل، وقهر حرارة الجو. غفا قليلا ثم استيقظ. شعر براحة عندما وجد السيارة الرباعية مازالت رابضة في مكانها. واصل الانتظار. مضت ساعات ثلاث.
كاد يتحرك عندما رآهما قادمين بدون النظارتين. يرتديان ملابس رياضية . يصطحبان طفلا لم يتجاوز السابعة، يجر دراجة صغيرة اسرع حارس المبنى برفعها الى مؤخرة السيارة. خلف المقود مال يهمس في أذنها. أدارت وجهها نحوه حيث كان يتصبب عرقا داخل سيارته الصغيرة. انفجرت ضاحكة...