السهم الأخير - بقلم: حسام فتحيأطلق البنك المركزي المصري آخر سهم في جعبته لعرقلة صعود الدولار الجبار أمام الجنيه المحتار، ولأول مرة في تاريخ السياسة النقدية المصرية يتم اتخاذ قرار بخفض سعر صرف الجنيه 112 قرشاً أمام الدولار في يوم واحد!! أي 14.3% تراجعا لقيمة الجنيه! رسمياً أصبح الدولار بــ895 قرشاً بعد أن كان 783 قرشاً، وهو تصرف «جريء جداً» هدفه تثبيت سعر الصرف، وإعادة بناء احتياطي النقد الأجنبي ليصل 25 مليار دولار بنهاية 2016، وتوفير احتياجات المستوردين والمواطنين.
طبعاً «خبراء» السياسات النقدية في البنك المركزي هم الأدرى بما يفعلون، ويبدو أنهم اضطروا إلى آخر العلاج.. «الكيّ».. وربنا يستر.
الأمر الآخر الذي «صدم» السوق أمس كان إعلان رئيسي بنكي مصر والأهلي إصدار شهادات ادخار بالجنية المصري بفائدة 15%!! اعتقد أنها الأعلى بين كل فوائد العالم بلا منازع، ويستحيل معرفة رد فعل المصريين على هذه الصدمات إلا باتباع قاعدة: «انتظر ـ راقب ـ تعلم»، فمنطق الاقتصاد يقول إن الناس يجب أن تسارع إلى تسييل دولاراتها، وتحويلها إلى الشهادات «السوبر» التي يشترط لشرائها تحويل الدولار إلى جنيه بالسعر الجديد!.. شخصياً لا أعلم رد فعل المواطنين ومدى ثقتهم في استعادة الجنيه لـ«هيبته»!
عموماً ما فعله البنك المركزي، سبق أن اضطرت إليه دول أخرى في آسيا، وإن لم يكن بنفس القسوة ـ وكان الهدف الحفاظ على سعر عملتها، وكبح التضخم، وسحب السيولة، ونجحت بسبب اتخاذ خطوات أخرى مساندة، الأمر عموماً غير مسبوق في مصر، وكل دولة لها ظروفها، وحالة «الإرباك» التي أصابت السوق دفعت بشركات الصرافة إلى التوقف عن البيع والشراء فوراً لحين «انجلاء» الموقف، ويبقى انتظار تأثير هذه القرارات على سوق الذهب الذي تراجع جرامه 10 جنيهات في يوم واحد، وعلى البورصة التي ارتفعت مؤشراتها وحققت مكاسب ضخمة، بالرغم من أن «المنطق» يقول إن إصدار شهادات بــ15% يجب أن يجعل البورصة تسقط سقوطاً حراً، وهو ما لم يحدث أمس، بل حدث عكسه تماما! وندعو الله أن يستمر الارتفاع و«التماسك» وأن يلهم الله صناع السياسات النقدية، وواضعي ومنفذي خططنا الاقتصادية الصواب لينقذونا مما نحن فيه.
ملاحظة مهمة خارج الموضوع: صديقي العزيز حمدي رزق.. أراحك الله في الدنيا والآخرة وشكراً جزيلاً!!
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء