أرض المحروسة ولجنة محلب ( 3-2 ) - بقلم: حسام فتحي

 

بدأت أمس الحديث عن بدء تشكيل «لجنة استرداد أرض مصر المنهوبة»، هكذا اصطلح على تسميتها في القرار 75 لسنة 2016، والذي أصدره رئيس الجمهورية.

اللجنة تضم في عضويتها وزير التنمية المحلية، وممثلا لوزارة العدل، وممثلا لوزارة الدفاع، وممثلين لوزارة الداخلية والمخابرات العامة والرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة ومصلحة الشهر العقاري وهيئة المساحة المصرية، اضافة الى اللواء أحمد جمال الدين مستشار الرئيس لشؤون الأمن ومكافحة الإرهاب.

والقرار الجمهوري ينص على ان اللجنة تقوم بحصر الأراضي التي يثبت الاستيلاء عليها بغير حق واستردادها بكل الطرق القانونية، والتنسيق بشأن الإجراءات القانونية والإدارية المتبعة للاسترداد.

المهم يا سادة يا كرام ان تتمكن اللجنة من مواجهة «حيتان» الاستيلاء على اراضي الدولة، فبرغم نزاهة ونظافة يد محلب، غير المشكوك فيهما، وبرغم خبرته كرئيس لأكبر شركة مقاولات «المقاولون العرب»، قبل ان يتولى رئاسة وزراء مصر، إلا ان «غول» الفساد، ومافيا الاستيلاء على الأراضي، سواء أراضي الدولة أو الأفراد، لا يستهان بهما، ويقف خلفهما جيش من المنتفعين وأصحاب المصالح و«ثعالب» القانون، وصغار كبار موظفي الدولة، وكبار صغار منتسبي الجهاز الإداري، والتصدي لكل هذا الفساد «المتكلس» عبر عقود طويلة، لن يكون بالأمر السهل.

تقول الإحصاءات الصادرة عن منظمات غير حكومية ان حجم الأراضي «المنهوبة» في مصر يقدر بنحو 67 ألف كيلومتر مربع، اي حوالي 16 مليون فدان، تقدر قيمتها بحوالي 900 مليار جنيه، وأغلبها أراض كان من المخطط ان تستصلح للزراعة، لكنها تحولت في غياب رقابة الدولة الى منتجعات سياحية خاصة ومصايف، ومدن تتبع شركات عملاقة ومزارع «وهمية» يسيطر عليها اللون الأصفر!

.. وفي ظل الوضع شبه الكارثي للعقار في مصر فإن الأمر يتخطى حدود تشكيل لجنة لاسترداد الأراضي المنهوبة، الى ضرورة إحداث نهضة حقيقية تكون أهم دعائمها إنشاء «هيئة عقارية مستقلة» تنظم وترعى وتحمي الثروة العقارية المصرية، سواء المملوكة للدولة أو تلك العائدة للأفراد، على ان تتوافر لها الأجهزة والضمانات القانونية، لتضع وتنفذ خريطة توثق وتحفظ إلكترونيا الملكية العقارية، وتضمن حقوق البائع والمشتري، وتحدد العقوبات وطرق فض النزاعات، بما يخفف العبء عن كاهل القضاء، وتعتمد نماذج موحدة للمعاملات العقارية تمنع التلاعبات وتضمن الحقوق، بحياد ونزاهة، ويمكن الاعتماد على مصلحة الشهر العقاري لتكون نواة لهذه الهيئة العقارية، لتستعيد مصر سمعتها المتراجعة في مجال حماية الملكية العقارية.

وغدا نكمل الحديث بإذن الله.

وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء