البيضة.. والجزمة - بقلم: حسام فتحي

.. 40عاماً مرّت بين الواقعتين، ففي عام 1976 وقف النائب «الشاب» كمال أحمد يصرخ أمام مجلس الشعب محتجاً على ارتفاع الأسعار، ومعبراً عن آلام الشعب حتى صار بطلا «سكندرياً» لم يخذله أهالي دائرة العطارين حتى اليوم.

«نائب البيضة» هكذا حاول خصومه السخرية منه وقتها إلا أن محاولة السخرية تحولت شعارا لأزمة على مدار 40 عاما فهو من قال للرئيس السادات وقتها: «يا ريس البيضة أصبح سعرها قرش صاغ كامل»!!

..وظل النائب كمال أحمد معارضا حتى اختفى القرش صاغ نفسه.. وبلغ سعر البيضة 100قرش صاغ!!

وظل أهالي «العطارين» أوفياء له.. وظل هو وفيا لهم.

..وعقب الجلسة الأولى للبرلمان الحالي تقدم كمال أحمد باستقالته رسميا لأسباب صحية، وفعلياً لأن تصرفات بعض أعضاء البرلمان حولته الى سيرك - حسب تصريحه لصحيفة الشروق ـ ولأن ما حدث في الجلسة الأولى «لا يمكن قبوله».

وقال: «أنا نائب منذ 40 عاما ولم أر مجلسا بهذا الشكل».. وطبعا بعد «محايلات» وضغوط تراجع عن استقالته، واليوم ثبت ان صحته جيدة، حتى أنه تمكن من إيقاف زميله النائب د.توفيق عكاشة، وضربه بالحذاء حال دخوله قاعة المجلس «الموقر».

وقبل دقائق من واقعة الضرب بالحذاء، كان د.توفيق عكاشة محمولا على أعناق بعض أنصاره أمام بوابة المجلس، وفي استقباله مجموعة أخرى ترفع لافتات التأييد لعكاشة عقب استقباله للسفير الإسرائيلي في منزله وإعلانه أنه سيزور إسرائيل، ثم تماديه وتطاوله على الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

..ويبدو ان النائب السكندري العجوز كمال أحمد لم يحتمل «كوكتيل الاستفزاز» الذي يقدمه زميله عكاشة، ولم تستطع چينات كمال أحمد ان تتطور لتستوعب قواعد «العك» الجديدة، كما أنه مقتنع ـ وهو محق ـ بأن استقبال عكاشة للسفير الاسرائيلي في منزله لا يعرضه لأي عقوبة برلمانية، بل انه لا يشكل مخالفة أصلاً، وان عكاشة لم يخترق قانوناً ولم يتجاوز لائحة برلمانية، لكن كمال أحمد، النائب العجوز ارتأى ان اسرائيل لا تزال تنتهك حقوق اخوتنا في فلسطين، وتغتصب أحلامهم، وتحتل أرضهم فلا يجوز «التطبيع» البرلماني أو الشعبي معها، فعبر عن رأيه بضرب عكاشة بـ«الجزمة».. وهو طبعا أمر لا تقره الأعراف البرلمانية، ولا الحضارية!!.. وخصوصا انها مقاس 45 أسود برباط!! أليس كذلك؟!

لك الله يا مصر.. لك الله يا مصر.

وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء