أطباء ونواب وإعلام وشرطة - بقلم: حسام فتحي

.. «مسافة السكة» بين «دار الحكمة» مقر نقابة الأطباء بشارع القصر العيني، وبين «مجلس النواب»، لا تتعدى بضع مئات من الأمتار، لكن يبدو ان المسافة بين ممثلي الشعب داخل البرلمان، وبين آلاف الأطباء الذين تجمعوا أمام نقابتهم تحتاج الى سنوات لاجتيازها، وفهم كل طرف للآخر.

أولاً: نبارك للمجلس الموقر تسلمه لسلطاته التشريعية رسمياً أمس، وندعو الله ان يوفقه ويعينه ويساعده على «إرث» القوانين الضخم الذي «أفنى»، بعض «الترزية» عمرهم السعيد في تفصيلها بدقة حسب رغبات الزبون، وطلباته.

ثانياً: من الطبيعي أن ندافع عن المظلوم، ونقف في وجه الظالم ما استطعنا، وفي حالة واقعة «الاعتداء» على اطباء مستشفى المطرية من قبل «أمناء شرطة»، لا يملك اي انسان سوي.. طبيعي، الا ان يتعاطف مع طبيب تم «سحله» وآخر وضِع الحذاء على رقبته، فهي ممارسات غير إنسانية، خبرناها في عهد انزاح وولى، وتمنينا الا نشاهدها أو نسمع عنها بعد ثورتين.. ودماء.. وشهداء.

ثالثاً: الخلط المتعمد بين الدفاع عن حق «الكرامة الإنسانية»، للأطباء أو غيرهم، وربط ذلك بمعاداة جهاز الشرطة والجحود امام تضحيات شهدائنا من ضباط وجنود أمر سخيف ومرفوض، فتقديرنا لشهداء ومصابي الشرطة والجيش لا يتعارض أبدا مع مطالبتنا بحساب المخطئ والمسيء في جهاز الشرطة، و«نسف» فكرة «التعالي» والتعذيب والإهانة من عقول بعض منتسبي هذا الجهاز الذين يسيئون لأنفسهم، ولجهاز الشرطة الوطني كله.

رابعاً: أؤيد الوقفة الصلبة لنقابة الأطباء للحفاظ على كرامة أعضائها، وأتمنى ان تحقق اهدافها، لكن الامتناع عن معالجة المرضى ـ من غير الحالات الحرجة ـ أمر لا يجوز، ولا يصح ان نعاقب المرضى من ابناء شعبنا، وهناك طرق مختلفة لتنفيذ إضراب جزئي.. لا يزيد معاناة أبناء الشعب (المطحون بالأمراض أصلاً)!! فالإضراب حق دستوري لا يجوز إهداره، مع مراعاة الظروف القاسية ـ بالفعل ـ والتي تمر بها مصر.

خامساً: عيب كبير على أجهزة الإعلام، تحويل الأمر الى «حديث فتنة»، وان الأطباء أغلبهم ينتمون إلى الجماعة المحظورة، يتربصون بجهاز الشرطة، ويتآمرون لتقويض أركان الدولة، ثم يتم التركيز على «الأخطاء الطبية»، وجشع بعض الأطباء، وإهمال البعض الآخر، وكأن المسألة «وصلة ردح» يكشف كل طرف من خلالها سوءات الآخر.

.. أعتقد ان رسالة الأطباء قد وصلت، وعليهم العودة الى أعمالهم، والقضية الآن بين يدي النيابة والقضاء، ثم مجلس النواب الذي عليه الاسراع بإعادة النظر في قوانين منظومة الحريات، وعلاقة السلطة بالشعب.

وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء