طيب!!!

 

التجربة الإيطالية

 

«جوليو ريجيني».. طالب دكتوراه إيطالي، تم قتله في مصر، ووجدت جثته بمنطقة نائية بجوار مدينة 6 أكتوبر، وبها آثار يقوم الطب الشرعي بفحصها، وتحقق النيابة في الأمر، لبيان تفاصيل مصرعه، وكشف ما حل به.

فكيف تعاملنا كدولة.. وإعلام.. وشعب مع الأمر؟

أولاً: سارع مسؤول أمني «رفيع» إلى تأكيد أن «جوليو» لقي مصرعه في حادث سير!! .. هكذا دون تدقيق او انتظار لقرار نيابة او نتيجة لتقرير طب شرعي.

وكانت نتيجة هذا التصريح «المتسرع» فقدان الثقة في معالجة جهاز الأمن للأمر، وإثارة غضب الاعلام الايطالي.

ثانياً: سارع مسؤول أمني «آخر» الى اعلان أن «جوليو» مثلي الجنس، وكأن ذلك سبب كاف لهدر دمه!! دونما اي استيعاب، لأن هذا الامر - لا يقدم ولا يؤخر - في ايطاليا واوروبا، ولا يعد وحده مبرراً لأي تصرف!

ثالثاً: سارع الإعلام المؤيد للحكومة بنشر كل ما يعتقد انه يبعد الاتهام عن الشرطة، فيما تصدى الاعلام المعارض وبعض المواقع «المناوئة» للنظام الحاكم الى إلصاق تهمتي القتل والتعذيب بالشرطة المصرية.

رابعاً: تصرف بعض المصريين والنشطاء «تصرفا» يصل الى حد «الخيانة» بوقوفهم امام السفارة الايطالية متضامنين مع «جوليو» ورفع بعضهم ـ سيدة تحديداً ـ لافتة كتبت عليها «بتقتلوا الأجانب ليه؟.. إحنا قصرنا معاكم؟»، وطبعا كانت وسائل الاعلام جاهزة لالتقاط الصور للوقفة وبثها مع الترجمة، ما حدا بالاعلام الايطالي الى تبني موقف الهجوم على الداخلية المصرية.

خامساً: سارع وفد اقتصادي ايطالي لانهاء زيارته لمصر والعودة احتجاجاً على مقتل الشاب، وتوالت الاتصالات والاعتذارات، وارسلت ايطاليا وفدا امنيا رفيع المستوى ليشارك الجانب المصري تحرياته.

وحتى كتابة هذه السطور لم يصدر تقرير الطب الشرعي، مما يترك الأمر لاجتهادات «الخبراء الأمنيين»، وأكاذيب مواقع التواصل الاجتماعي الملونة بألف لون، و«تخمينات» الإعلام الذي بدأ بوضع سيناريوهات متضاربة.

يا سادة يا كرام، لقد وضعنا أنفسنا في موقف لا نحسد عليه، وهنا تثور التساؤلات:

1- لماذا لا تكون «الداخلية» مستعدة لمثل هذه الاحداث بخلية ازمة محترفة، تكاشف الناس بالحقائق وتغلق باب القيل والقال؟

2- لماذا لا تتم «مجازاة» المصادر التي تتحدث بما لا تعرف، وكذلك وسائل الاعلام التي تنشر الأكاذيب؟

الجميع يريد كشف الحقيقة - أيا كانت - لأن الثمن الذي ندفعه نتيجة التخبط.. أكبر بكثير من كشف الحقائق.

 

وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.

 

حسام فتحي