طيب!!!

 

الثورة والشرطة.. إيد واحدة!!

 

.. مفارقات «الاحتفال» بيوم 25 يناير أمس كانت مثيرة.. ومبكية.. ومضحكة، عندما بدأت بالتنقل بين الفضائيات المصرية وجدت عجباً.

التلفزيون المصري الرسمي وعبر الفضائية المصرية خرجت مذيعة شابة صبوحة الوجه ـ مستبشرة القسمات حتى إنني دققت النظر مرتين في شعار القناة!!.. وبدأت بكلامها مهنئة المشاهدين بالذكرى الخامسة لثورة 25 يناير المجيدة التي غيّرت وجه مصر، ومذكرة بـ «الورد اللي فتح في جناين مصر»، ومعيدة لعبارات الرئيس السيسي في خطابه أمس الأول بالمناسبة ذاتها، وكيف قدم التحية الواجبة للشباب الذين ضحوا بأرواحهم فداء للوطن.

ثم كان موجز صباحي لأهم الأنباء، بدأه المذيع بتهنئة الشرطة المصرية بعيدها، ثم ذكر أمجادها وبسالتها وتضحيات رجالها.

.. عندها قلت إن تلفزيون الدولة يجيد لعبة التوازن ويحاول إرضاء جميع الأطراف.. ثواراً وضباطاً!!

ثم حولت القناة لأشاهد مذيعاً «أمنجياً» على قناة «سيراميكية» ينوح منفعلاً.. متوتراً، وقد ساءه بشدة قول الرئيس السيسي «إن ثورة 30 يونيو جاءت لتصحيح مسار واستكمال ثورة 25 يناير».. ليؤكد المذيع «الأمنجي» أنه لا يوافق على هذا الكلام!! وأن «كل واحد حر فيما يعتقد»، وأنه موقن بأنه لا ثورة إلا 30 يونيو، وأن 25 يناير «نكسة» بكل المقاييس.. لم أحتمل رؤية وجهه غير الصبوح لأكثر من دقيقتين، تخللتهما حبتا «أتاكاند» للسيطرة على ارتفاع ضغط الدم، وانتقلت إلى قناة فضائية أخرى يملكها «عطار» أكرمه الله بعضوية البرلمان، ومذيعة لطخت شفتيها بدم «أرنب طازج».. وتسأل ضيوفها سؤالاً واحداً، ما تنفك شفتاها المخضبتان تكررانه دون كلل أو ملل: «يعني ينفع نحتفل بـ 25 يناير ولا لأ؟.. يعني هي ذكرى الثورة ولا عيد الشرطة؟».. أخرست صوت التلفزيون، فليس مسموحاً تناول «حبة» ضغط دم ثالثة! واكتفيت بمتابعة انفعالات ضيوف قناة «العطار» المنتقين بعناية تامة.. وهم يعزفون لحناً واحداً.. يلعنون فيه يناير.. وأبو يناير.. وربما طالبوا بإلغائه من بين شهور السنة! هكذا فضحتهم تعبيرات وجوههم.. وبعض من رتبهم العسكرية السابقة.. وإن سبقها أو لحقها حرف الدال!

.. أخيراً وجدت «شاشة محترمة تنقل ما يدور في الشارع دون تحريف، فوجدت.. مصريين.. عاديين نفس أشكال أهالينا الذين نراهم كل يوم.. شابات كالزهرات.. بحجابات بسيطة وألوان هادئة يقدمن الورود لضباط الشرطة، وشبابا يهتفون «الشعب والجيش والشرطة ـ إيد واحدة».. ورجالاً ونساء يحتفلون بالثورة في حماية الشرطة، ورجال شرطة يوزعون «الشوكولاتة» على المارة وقائدي السيارات ويمازحونهم: «دي علشان ذكرى 25 يناير».. ويرد المواطنون: «مقبولة ولو كانت عشان عيد الشرطة!».

تلك هي مصر الآن.. هدى الله الجميع لما يحبه ويرضاه.. وصلوا على رسول الله.

 

وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.

 

حسام فتحي