فض الإشتباك.. متى وكيف؟!بقلم : محمود الشربينى
-----------------------------------------------------
قبل أن تقرأوا:قولوا ماشئتم فإنها " ثوره".. وأما "المؤامره" فأبطالها اليوم معروفون .. كل منهم كان أقل من قيمة"الثوره" .. فحاول استرخاصها واختزالها لمصالحه الخاصه.. فسقط.. وبقيت الفكره تعيش فينا ونعيش فيها .. كالوطن بالضبط!
******************
الكتابه عن ثورة 25 يناير ليست موسميه حتى نتذكرها اليوم وننساها فى الغد، ولذلك قلت أننا نعيش في وطن "ثورة يناير"..فهى بوصله تقودنا ومعيار يحكمنا ومعنى يعبر عنا ...
المصريون صنعوا هذا اليوم المجيد قبل خمس سنوات ،ونفر من المصريين البواسل صنعوا مثله لمصر وللشرطه المصريه قبل 64 عاماً..فكان عيداً للشرطه المصريه المقاومه للإحتلال ، وقت أن كان فؤاد باشا سراج الدين يقود هذا الجهاز الوطنى الذي خاض أشرف المعارك ضد الإحتلال الإنجليزى وظل يقاتل حتى الرمق الأخير ، جيش أعتى إمبراطوريه فى العالم احتلت مصر زهاء 80 عاماً!
بين 25 يناير يوم الشرطه المصريه، و25 يناير يوم الكرامه المصريه ، "إشتباك" واضح وزمن طويل واحداث عاصفه ومياه جاريه كالفيضان مرت تحت الجسور. المصريون الذين صنعوا يوم الشرطه المصريه كانوا ينتمون للشرطة المصريه فى مواجهة الإحتلال البريطانى، والوزير سراج الدين كان ينتمى إلى حزب "الوفد".. حزب الديمقراطيه والليبراليه المصريه ، الذي حظى بأعلبيه ساحقه فى الانتخابات البرلمانيه العديده التى خاضها قبل الثوره،والتى كان يفقدها- الوفد- بتكرار مرات حل البرلمان وليس بتكرار فقدان الثقه من الناخبين! "سراج الدين" لم يكن "حبيب العادلى" ولا قيادات الشرطه فى ذلك الزمن كانت مثل القيادات "العادليه" الفاسده التى نجت حتى اليوم من "فضح" محقق وعقاب صارم .. وبالتأكيد لم يكن للملك الفاسد"فاروق" أن يكون مثل حسنى مبارك..الذي أذاق المصريين الويلات خلال سنوات حكمه الثلاثون. ليس معنى هذا ان الشرطه المصريه لم تكن تابعه لسلطة الاحتلال وانما كانت كذلك فيما يخص شئون الإحتلال.. فكانت تلاحق بأوامر الانجليز كل الوطنيين المناهضين للاحتلال ، وكان الملك أيضا يلاحق خصومه وكان القلم السياسي ذو سطوه هائله زمن الحكومات الإئتلافيه التى كان يسعى الانجليز لتشكيلها كلما اسقطوا " الوفد" عن الحكم...
شرطة حبيب العادلى التى ثار عليها المصريون فى 25 يناير كانت عنواناً لفساد مبارك وسوء حكمه وقهره لمصر والمصريين، ولذا استهدفتهاالثوره، وخسرت المواجهه وكسرت بأيدي شباب مصر الأنقياء وبمؤزارة المصريين ، من أهالى هؤلاء الشباب ، الذين استجابوا لصيحتهم الخالده القائله" ياأهالينا انضموا لينا".. وهو نداء لم يطلقه كل "آباء الثوره" الذين ظهروا يدعون نسبتها اليهم، وثبت أنهم جميعاً "آباء غير شرعيين" لهذه الثوره العملاقه ، بل إنهم من تسببوا فى تشويه المولود الذي كان أبهى مايكون وتغزل فيه العالم بأسره.
أدركنا قيمة " الأمن" بعد أن فقدناه خلال إنحراف الثوره عن مسارها، والإعتداء على مراكز الشرطه وسلب أسلحتها وتعمد كسرها وكأنه كان ممكنا أن نعيش من دون أجهزه أمنيه .. ولكن أحداً لم يكن يدرك آنذاك ماهو الصواب وماهو الخطأ وكما نعرف فإنه لايمكن لعاقل إدعاء الحكمه بأثر رجعى . ولذلك وبعد فقدان نعمة الأمان ، بالإمعان فى العمل على تخريب جهاز الشرطه كله بدلا من إصلاحه عاش المصريون سنواتٍ عصيبه، تمنوا فيها لوعاد الأمن بأي شكل ، بعد أن إفترسهم غيلان وقطاع الطرق وأمعنوا فيهم سلباً ونهباً وجرحاً وتقتيلاً ... ولكن الإشكاليه التى تمخضت عن هذا هى كيف يمكن الإحتفاء بعودة الأمن على أيدي نفس الجهاز الذي تسبب فى الثوره العارمه على نظام مبارك اللامبارك؟
هذه الإشكاليه تتجلى اليوم أكثر فأكثر مع تزايد سقوط الشهداء والمصابين جراء المواجهات الدائره الآن مع " الإخوان المفسدين"..كل شهيد وكل مصاب من أبناء الشرطه- والجيش- يخلع قلوب المصريين.. ويكسبهم تعاطفاً لاحدود له ويجد أمثالى صله بين الدور الوطنى للشرطه فى 25 يناير1952، والذي يعد تخليدًا لذكري موقعة الإسماعيلية 1952 التي راح ضحيتها خمسون شهيدا وثمانون جريحًا من رجال الشرطة المصرية علي يد الاحتلال الإنجليزي فى هذا اليوم ،بعد أن رفض رجال الشرطة تسليم سلاحهم وإخلاء مبني محافظة الإسماعيليه ،ولذلك لانستطيع أن نطلب محو هذه اللحظه من التاريخ، ولكننا فى الوقت نفسه لانستطيع أن نحذف واحداً من أمجد وأعظم أيام تاريخنا .. يوم ثورة 25 يناير2011 . من المستحيل مهما فعل " بعضهم" أن نمحو تلك اللحظه الممتده بنبل واعجاب فى تاريخنا الحديث وكل محاوله لهذا العمل السفيه ستسقط بالضربه القاضيه المصريه.
مالعمل؟ كيف نفض هذا الاشتباك؟ كيف نحتفظ لانفسنا بتاريخنا الوطنى ونضال الشرطه كأحد المكونات الوطنيه المصريه ضد الانجليز ، وفى نفس الوقت نحتفى بتاريخنا الحديث وثورتنا الجسوره التى نعيش فيها كالوطن؟ كيف لانتضايق ونغضب عندما نرى الدوله تحتفي بيوم الشرطه ونحن معها فى الحفاوه، وفى نفس الوقت تكتفى بالإحتفاء بثورة يناير بالكلمات والخطب!
بعد أن قرأتم: ليكن إحتفاؤنا الشعبى والرسمى الكبير يوم جمعة الغضب فى 28 يناير . هذا الإحتفاء بهذه اللحظه المهمه فى تاريخنا فى هذا اليوم منطقى جدا.. فيبقى للشرطه يومها فى 25 ويبقي للثوره اليانيريه العظيمه يومها فى 28 !
ماأحوجنا جميعاً إلى فض هذا الاشتباك والاحتفاء بعظمة ثورة يناير !