طيب !!!

 

ذكرى.. 25 يناير 

 

.. اختلط المنطق بالهلوسة الفكرية في الجلسة التي جمعتني ومجموعة من الزملاء والأصدقاء، وما ان تطرق الجالسون الى اقتراب ذكرى 25 يناير حتى تفجرت الخلافات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، والبداية كانت انفعال أحدهم رافضا اطلاق اسم «ثورة» على ما حدث أصلا، أو تسمية من قتلوا فيها بالشهداء، وبدأ وصفهم بأقذع الأوصاف من البلطجة والإرهاب.. وحتى الخيانة والعمالة، مرورا بالانقياد لمخططات إسرائيل وأميركا والتدريب عليها في «صربيا» ونيويورك.

.. ولم يحتمل صديق آخر ما يقال فصرخ في المتكلم أن «يخرس» احتراما لكل قطرة دم سالت من الشيخ عماد عفت والحسيني وجيكا وسالي زهران.. وعشرات غيرهم ليسوا بلطجية ولا عملاء، ولم يكشف عن قاتليهم أو يحاكموا حتى الآن، لا في عهد المجلس العسكري، ولا أثناء حكم الإخوان ولا سيادة الرئيس المؤقت ولا حتى بعد حكم السيسي.

.. تداخلت الأصوات المرتفعة بين مؤكد لـ «وكسة 25 يناير» و«عمالة» منفذيها،.. وبين مقتنع بأن ما حدث هو أطهر وأنقى ثورة شعبية على الظلم والفساد شهدتها مصر،.. واستمر الحال لوقت غير قليل حتى تحدث صديق ظل صامتا.. منصتا.. وربما «سارحا» بخياله أغلب الوقت، وطلب ان يتحدث دقيقتين فقط، يعود بعدها إلى صمته.. أو يرحل.. وبدأ حديثه بأنه لا يمكن إنكار أن ما سبق (25 يناير) كانت فترة عصيبة امتلأت بالظلم والجور والفساد والمحسوبية والسرقة والتنفيع، وسيطرة القبضة الأمنية، ما دفع الناس لـ«الغليان»، وتم استغلال واقعة قتل خالد سعيد واشتعال وسائل التواصل الاجتماعي ودعوة الناس للنزول ضد القهر والظلم والفساد والدولة البوليسية.

.. ربما كانت هناك «أصابع» تشعل الأمر، وترتب له، لكن مشاعر الغضب كانت حقيقية، ونزول الناس للشوارع وتعريض حياتهم للخطر كان تلقائيا، ورفض استمرار مبارك ونظامه كان مطلبا شعبيا بالفعل.

ولا يجرؤ عاقل على التشكيك في وطنية د.أحمد حرارة والشيخ عماد عفت ومن على شاكلتهما من الشباب الطاهر النقي، كما لا يجوز الخلط بينهم وبين «البلطجية» الذين قتلوا برصاص ضباط وجنود «شرفاء» كانوا يدافعون عن الأقسام والسجون.

.. وللأسف هناك اليوم حملة منظمة يقودها «إعلام» تابع لمنتفعي عصر ما قبل (25 يناير)، لتحطيم كل رموز هذه الثورة، وخلط الثوار الشرفاء بالبلطجية واللصوص والعملاء والمأجورين،.. بل وتشويه كل ما نجم عن الأمر حتى يوصلوا الناس إلى مقولة: « .. ولا يوم من أيامك يا مبارك»!!

.. يا سادة.. هناك ثورة شعبية.. وثوار شرفاء.. وشعب عانى الظلم وطحنه الفساد ونخر عظامه الجور،.. وهناك «أجهزة ودول» خططت واستغلت الأمر.

.. والمهم اليوم ألا نواصل خلافاتنا حول ما كان وان نلتف حول قيادتنا، ولا نسمح لأحد أيا كان بأن يدفع الدولة المصرية نحو الهاوية.. أو ينجح في تفتيت وحدتها.. قالها الرجل وهب مسرعا دون أن يسمع تعليقا.. أو ينتظر رداً.

 

وحفظ الله مصر وأهلها وجيشها و«جميع» فصائل شعبها من كل سوء.

 

حسام فتحي