الثوره "الثالثه"!- بقلم : محمود الشربينى

-----------------------------------------

قبل أن تقرأوا:بعد أقل من أسبوعين من نشر مقالاتنا المعنونه ب" إستقيلوا يرحمنا منكم الله"،والتى نعينا فيهاسوء الأوضاع فى مدن شرم الشيخ والأقصر وأسوان ،كان هذا الحدث الفريد الذي يعد فاتحة خير ، وهو زيارة الرئيس السيسي ونظيره الصينى لمدينة الأقصر.هل شعر الرئيس بنبض أهل هذه المدن؟ هل يشعر بنبض مصر؟

************

-غالبية من إقتربوا من الرئيس يشعرون بذلك، ويتحدثون عن إخلاصه ودأبه وعمله المتواصل.. ويسمونه "منقذ" مصر .. ويدعو له البسطاء فى كل مكان رغم الغلاء والكواء .. رغم الفقر والحاجه وكثرة العيال مع قلة الشيء ..ويسانده- بعد لَأْىٍ ومعاناه- عدد من زعماء العالم، لم تعد نظرتهم الى ماجرى فى الثلاثين من يونيو على أنه "إنقلاب" ، كما حاولت الآله الإعلاميه الغربيه أن تفعل فى الشهور الأولى من إسقاط الإخوان و"مرسيهم" ..وإنما أدرك بعضهم أن مصر بتاريخها وعراقة حضارتها لم تكن تستحق "الحظيره الإخوانيه" .. حظيره لاتدرك معنى الحضاره ولاقيمة التنوع والتعدد الثقافى والدينى والتأثير والتأثر الذي حققته فى الحضارات الأخرى التى وفدت إليها وحاولت طمس هويتها أو تغييرها ولم تنجح بأى قدر!

من الغريب أن بعض رفاق الثوره ، ممن ذاقوا الويلات فى الميدان من "الإخوان" ، أثناء 25 يناير وبعدها، والذين إتخذوا مواقف شديدة العداء مع المجلس العسكرى، ثم مع ثورة الثلاثين من يونيو، لم يعبأوا- بأي قدر-بأن يأخذوا مسافه من "الجماعه".. رغم الخلاف الإيديولوجى العميق بينهما،بقدر ماكان يهمهم أن يأخذوا مسافه أكبر من النظام الجديد ! كان واضحاً أنهم يعتقدون أن " الجيش " إذا سيطر على مقاليد الأمور فمن الصعب أن يواجهوه، بقدر ماكان سهلاً فى أعينهم أن يواجهوا "الإخوان"! كان تقديرهم أن المواجهه معهم ستكون أسهل من مواجهة "العسكر"..وربما هذا يفسر السقوط المذل والسريع للإخوان أمام ثوار يونيو. لكن هذا التصور قادهم إلى خطيئه كبرى بحق مصر، ذلك أن  "الإخوان" إستطاعوا و لفتره من الزمن أن يجيروا هذا الابتعاد وهذه المسافه من جانب بعض القوى المعارضه للنظام لمصلحتهم ، بل واستغلوها فى دمغ النظام بالقتل والعنف والديكتاتوريه، واستثمروا علاقات نفر من هؤلاء بأوربا الغربيه والولايات المتحده ودوائر صنع القرار فيها ، وآلاتها الإعلاميه الشرسه، التى كانت بوقاً زاعقاً للجماعه وللقوى المناوئه للثوره .. ولعلنا أخطأنا وارتكبنا من الأخطاء مايساعدهم على تجيير مثل هذه الاخطاء لصالح الاخوان والمعارضين.. وكنت أظننا لن نفعل فى واقع الأمر!

ولأننا لازلنا نعيش فى " كهف مبارك" وفى عناية دولته "العميقه"، ولأن " لسه النظام مسقطش".. ومع أنه قد "آن الأوان ترحلى يادولة العواجيز" (كما قال الرائع الابنودي) إلا أن هذا لم يحدث! الذي حدث أن أعداء النظام والحالمون بالتغيير فى يناير إصطفوا بقدر ما فى وجه النظام .. ووجدوا فى تدخل الاجهزه الأمنيه فى بعض القضايا المهمه ، سببا كافياً لمناهضة النظام بقوه .. رغم أن مصر الآن لاتحتاج إلى الثوره بقدر ماتحتاج إلى البناء ولاتحتاج الى الفوضى بقدر ماتحتاج الى النهضه ولاتحتاج الى التشرذم والانقسام بقدر ماتحتاج الى التوحد.

لانحتاج إلى ثورة يناير جديده .. فعلى الرغم من سوء كثير من الأوضاع، وتدنى الإقتصاد وتزايد الفساد وسطوة بعض الأجهزه الامنيه ، إلا اننا نوشك أن ندخل مدخلا جديدا ، تدور فيه الحياه دورتها التصحيحيه، لدينا الآن " برلمان" يافع، شأن كل برلمانات العالم فيه توفيق عكاشه ومرتضي منصور بأساليبهما التى نختلف معها، ولدينا قبل ذلك رئيس يسعى بجهد مذهل إلى إمتلاك ناصية الأمور ، فى عالم يمور بالأفكار وموجات العنف والتطرف والفوضى غير الخلاقه .. بل الفوضى الناسفه!

"الثوره الثالثه" التى أظننا نحتاجها ومازالت "تختمر" فى مطابخناهى ثوره يطلقها الرئيس بنفسه! نعم ثوره جديده لكنها لاتفاقم الفساد على النحو الذي " قرفنا" منه ،ولاتفاقم الفقر بعد أن عشنا فيه سنوات طويله، بعد ثورة يناير ، لأن هناك من يريد أن يعاقب الشعب المصرى على إختياراته وتحديه لاخوان الشيطان واسقاطهم .ثوره لاتفاقم الطغيان الذي يسببه إختلاط الأشياء بعضها ببعض، كما نرى من بعض قيادات الأجهزه الأمنيه ، التى لاتبادل الشعب إحتراما باحترام ، وإنما تتفنن فى إذلاله وبالتالى استحقت مصيرها كما نعرف كلنا ، فمنهم من سجن ومنهم من أبعد عن الخدمه  ومنهم من لايزال ينتظر!

الثوره القادمه سيقودها الرئيس، على الدوله العميقه، شديدة البيروقراطيه، التى تتفنن فى إهدار الوقت والجهد والمال، وتستنزف الناس فى المصالح الحكوميه . ثوره على العقول التى لاتستطيع الابتكار ومع هذا تتبوأ مراكز القرار.. وهل هناك اسوأ من وزير يقول أن قانون الخدمه المدنيه صدر حتى نستطيع الحصول على قرض البنك الدولى؟!

الثوره التى ننتظرها من الرئيس هى ثوره على طريقة اختيار الوزراء ورؤساء الوزارات، وعلى أساليب الاحتكار و حكم اللوبيات والواسطه والمحسوبيه ومناقصات الأمر المباشر وفساد المنظومه التعليميه وتفشي الرشوه والفوضى والإهمال والرعونه فى الأداء!

بعد ما قرأتم: نريدها ثوره تدخل بنا آفافاق المستقبل علماً وعملاً.. وتعليماوتثقيفاً.. وقوةً وابتكاراً . ثوره حتى النصر