طيب!!!

الفساد على الطريقة «السويدية»



.. في البند الخامس من تقرير اللجنة المشكلة لتقصي الحقائق حول تصريحات المستشار هشام جنينة الخاصة بالــ600 مليار جنيه فساد، أكدت اللجنة انه تم «اساءة استخدام كلمة الفساد.. ووضعها في مواضع ابعد ما تكون عما اقرته القوانين والمواثيق الوطنية والدولية».

تذكرت اتهام اللجنة لجنينة بإساءة استخدام كلمة الفساد وانا اقرأ خبراً عنوانه «اتهام وزيرة الخارجية السويدية في فضيحة فساد»، شدني العنوان لأجد ان ما قصده الإخوة السويديون بـ«فضيحة» فساد هو مجرد «اتهام» لوزيرة خارجية السويد «مارغوت فالستروم» بأنها «تخطت» طابور انتظار تأجير شقة في وسط العاصمة ستوكهولم تابعة لاتحاد نقابة عمال البلديات، دون انتظار دورها كباقي المواطنين، وبالرغم من ان الوزيرة دفعت الإيجار كاملا، وصرحت بأنها لا يمكنها ابدا ان تفكر في التقدم في طابور السكن دون وجه حق، وانها عندما دققت في التفاصيل اكتشفت ان اتحاد العمال «كذب» عليها بتقديمه معلومات غير صحيحة في عقد السكن، وبمجرد ان اكتشفت ذلك «فسخت» عقد الشقة في اليوم نفسه، وستقوم بالانتقال منها في اسرع وقت ممكن، ومع ذلك يقولون إنها متهمة بـ«الفساد»!!

.. هذا هو المفهوم «السويدي» للفساد ان تكون هناك «شبهة» امتياز يتمثل في تقديم وزير على مواطن في طابور انتظار «تأجير».. انتبه «تأجير» وليس حتى تمليكا!!

سرحت في آلاف «الشقق» الفاخرة في وسط القاهرة والاسكندرية التي تمت مصادرتها عقب ثورة 1952 من أصحابها، وتأجيرها لأصحاب «الحظوة» بجنيهات معدودات،.. ثم شط بي الخيال لأتذكر بيع شركات القطاع العام وتشريد موظفيها وقيام المستثمرين «المحظوظين» بسداد الثمن البخس ثم بيع الأصول بأضعاف أضعاف ما دفعوا.

وحلّقت الذاكرة تحليقا حراً.. لتستعيد مآسي اراضي مصر التي تم توزيعها على «المحاسيب» واصدقاء الأولاد، وأقارب الهوانم بسعر 200 جنيه للفدان (والفدان لمن لا يعرف يساوي 4200 متر مربع)، والتنازل عن ما لا يملكون لمن لا يستحقون، وكيف بعد عن المصريين «حلم» الحصول على شقة او منزل او قطعة ارض.. او حتى «مدفن» شرعي!!

صحيح ان ما جرى للوزيرة السويدية وراءه «أصابع» صهيونية بسبب تورطها في نزاع مع الدولة العبرية عقب انتقادها لسياسة تل ابيب مع الفلسطينيين، الا ان ذلك لم يمنعني من الدعاء ان يفهم السادة المسؤولو ن معنى الفساد على الطريقة السويدية وحسب المفهوم السويدي للفساد، ولا مانع من ابتعاث «بعض» المحظوظين من المسؤولين الى ستوكهولم لدراسة معنى الفساد باللغة السويدية!


حسام فتحي