طيب!!!
..إنت جاى تهرج؟!
تابعنا جميعاً الجلسة الافتتاحية للبرلمان .. بداية من المستشار الجليل علي عبدالعال رئيس مجلس النواب الذى قال: سأكون مدافعاً عن الديموقراطية والمبادئ القومية التى نادت بها ثورتا 25 يناير و30 يونيو.. وانتهاءً بالمشتشار مرتضى منصور الذى قال: «عليا الطلاق مانا حالف» ثم حلف اليمين و«الثانى فى القلب».. مروراً بالنائبة دينا عبدالعزيز التى «أشعلت» مواقع التواصل الاجتماعى بعذوبتها الطبيعية.. ورقتها المفرطة وهى تجيب: «أنا هنا يا فندم».. ثم تغرد بأداء القسم!
..ويبدو أن بعض النواب مصرّون على الحديث للكاميرات وليس للشعب،.. وصياغة «الإفيهات» بدلاً من القوانين، وتصفية الحسابات لا تصفية الفاسدين، ومواجهة التلفزيونات عوضاً عن لصوص المال العام والمجرمين، ومراقبة تصرفات بعضهم البعض وترك مراقبة الحكومة ووزرائها المحترمين.
الإخوة الأعضاء المحترمون.. نعلم أن بينكم من ينطبق عليه قول «نهرو»: «كثيرون حول السلطة.. قليلون حول الوطن»، وبعضكم يحاول تقمص دور يحيى الفخرانى فى سرادق العزاء بفيلم الكيف: «أنا جاى أهرج!!»،.. وهناك من «حرق» بيده تاريخه النضالى - إن كان ما فعله يعد تاريخا أو نضالا - عندما لم يصل إلى «الكرسى الموعود»، وهناك من اعترف على الملأ بأنه كان «ألعوبة» فى يد أحد أجهزة الأمن يستخدمونه كيفما ارتأوا،.. ومن عينه على الحصانة ويطلبها لزوجه وأبنائه.. وربما «حماه وحماته»!!.. ومنكم أكثر من «محجوب عبدالدايم» الذي تسلق حتى وصل، و«عرّض» حتى اتصل، وتغاضى وامتثل، ودافع عن اللصوص والسرّاق والفاسدين وقبض الثمن.
لكن فيكم أيضاً شباب واعد نأمل فيه كل الخير، ورجال عاهدوا الله وصدقوا عهدهم، ومخلصون حقيقيون لمصر، راغبون فى «إنقاذها» ثم إعادة بنائها ورفعتها.
ولهؤلاء وأولئك أؤكد أن شعب مصر انتخبكم، ووضع ثقته فيكم، وحملكم أمانة ينوء بحملها الشجعان، آملاً أن تحققوا طموحه، وتزيلوا همومه، وتواجهوا معه التحديات وتصدوا الأخطار، وتجابهوا الأعداء، القدامى والجدد الذين يحيطون بالمحروسة، ويهددون وجودها ذاته هذه المرة، وليس مجرد تحقيق هدف اقتصادى أو آخر سياسى أو احتلال متر هنا أو اقتطاع شبر هناك من تراب الوطن الطاهر أو رماله المشبعة بدماء شهدائنا.
..لن أرجوكم هذه المرة، ولكن أطالبكم بحق مصر عليكم، أن تنتبهوا جيداً للمسؤولية الهائلة الملقاة على عواتقكم، والآمال العظيمة التى وضعها ناخبوكم على أكتافكم، وتتركوا عنكم صغائر الأمور، وتصفية الحسابات، واستغلال الحصانات، وتحقيق المكاسب الشخصية، وارتكاب الحماقات، والتواطؤ مع الفاسدين.
وركزوا عقولكم.. ووجهوا ألسنتكم لتحقيق ثقة الشعب فيكم، حتى تكونوا على قدر الآمال المعلقة عليكم.
وتأكدوا أن هذا البرلمان الذى تشرفون بعضويته، ورغم كل ما قيل ويقال عنه، هو «الأهم» فى تاريخ مصر، وثقوا بأن «صبر» المصريين قد نفد أو كاد انتظاراً لتحقيق تغيير حقيقى يشعر به الفقراء قبل متوسطى الحال، ويمس جوهر معيشتهم بعيداً عن الشعارات، وسيتعامل مع أى محاولة لإعادة الفساد أو ارجاع الفاسدين، أو تطبيق معادلاتهم بكل حزم.. ويعلم الله وحده ما سيفعلون، لكن حسابهم للجميع تأكيداً سيكون عسيرا.
وأدعو الله أن يكون ما شاهدناه فى الجلسة الافتتاحية هو آخر عهدنا بهواة «الشو» الإعلامى، وأن يعودوا إلى صوابهم قبل أن ينفد صبر الناس عليهم.
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
حسام فتحي