طيب!!!

..الحورية والكنز - بقلم: حسام فتحي

..كنت أظن أن هذه النوعية من «الضحايا» قد «انقرضت» مع تطور التكنولوجيا، وافتضاح أمر «نصابى» الدولة الأفريقية الذين أثروا من غباء وطمع «البعض» ممن استجابوا للرسائل النصية ـ التى تطورت إلى إيميلات وواتسابات وخلال السنوات العشر الأخيرة ـ تلك الرسائل التى حذرت من الاستجابة لها كل وسائل الإعلام تقريبا.

ظننت أنهم انقرضوا حتى اقترب منى.. صامتاً.. مطرقاً.. وبدأ بسؤال متلعثم عن الصحة والأبناء.. وخلافه، وكان واضحا ان لديه شيئا ليقوله، شجعته.. فانسابت الكلمات من بين شفتيه.. خجلة.. مترددة.. قال: بصراحة أحتاج الى مبلغ 5 آلاف دولار لقضاء أمر عاجل، ازددت استفسارا.. وازداد ارتباكا «يا سيدي أساعد عائلة من أشقائنا السوريين، ويحتاجون المبلغ بشكل سريع، وسأحوله لهم، والوضع معقد».

شعرت بشيء غير عادى فى نبرته، تركت ما كان يشغلنى وطلبت منه أن يحكى القصة كاملة، طبعاً جميعنا متعاطفون مع أشقائنا فى سورية، ونضعهم فى أعيننا، ولكن ما قصتك؟

صمت طويلا ثم قال: «بدأ الأمر برسالة على إيميلى الخاص مكتوبة بلغة عربية فصحى من امرأة قالت انها من سورية واسمها ملك (...)- وذكر اسم عائلة معروفة جداً ـ تبحث عمن يخاف الله ويتقيه، ويمكن الوثوق به، تواصلنا وشاهدتها على كاميرا الهاتف، (أرانى صورة حورية «محجبة» صارخة الجمال بديعة الحسن) ـ وحكت كيف ان أباها تاجر مريض جدا وهى وحيدته، وقد تمكن من تحويل الجزء الأكبر من أمواله إلى ذهب وألماس أثناء الأزمة، وهى لا تستطيع الوثوق بأحد وتخشى من «الجميع» على نفسها وأبيها المريض وتسعى لـ«تأمين» خروجهما مع «كنزهما» من سورية إلى الدولة الخليجية التى يقيم فيها صديقنا، حيث يجد أبوها الرعاية الصحية أو يموت فى سلام، وتستطيع هى «التصرف» فى «كنزها» الذى يقدر بعدة ملايين من الدولارات، دون ان تتعرض للمخاطر، أو حتى تدفع ضرائب.

قاطعت صديقنا قبل أن يكمل.. وقلت له «كفاية» ـ سأكمل لك.. طبعا هى كانت بحاجة لبضع مئات من الدولارات لدواء أبيها.. وطعامهما، وكان إرسالك للمبلغ هو «الطُّعْم» الذى ابتلعته، ثم حديث «بالصور الحية» عبر الهاتف عن إعجابها بشهامتك.. ورجولتك.. تطور الى «عرض زواج فى الحلال» بمجرد أن ترسل عدة آلاف أخرى تمكنها وأباها من مغادرة سورية والقدوم إليك لتتزوجا، ويموت الأب وتستمتع «حضرتك» بـ«الحورية» والكنز معا فى الحلال،.. وكله بما يرضى الله!!

أطرق وقال: يعنى.. ليس تماما.. تقريبا.. قاطعته مرة أخرى مطالبا إياه بأن «يفيق» فقد وقع ضحية عصابة محترفة تتاجر بمأساة أشقائنا فى سورية،.. وطبعاً تضع بعض «المغريات» لجذب الطامعين أمثالك بحلم «الحورية والكنز» تحت ستار الرحمة وفعل الخير!!

سألت صديقاً فى جهاز أمنى فأكد لى أن مئات «الرجال والكهول» المصريين تحديدا، والمقيمين فى دول الخليج، وبعض المصريين الميسورين داخل مصر، قد وقعوا ضحايا لهذه العصابة لـ«دوافع متباينة»!!

للأسف هؤلاء النصابون لا يعرفون الرحمة، ويتاجرون بمأساة أشقائنا فى سورية، وأدعو «رجالنا» إلى تقديم المساعدة عبر القنوات الموثوقة.. فقط.. و«بلاش» طمع!!

وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.

حسام فتحى