ومن الغرب ما يَسُرُ القلب  -  بقلم: حسام فتحي

 

.. أعتقد أن القائل «لا يأتى من الغرب ما يسر القلب» كان يقصد الغرب الاستعمارى الذى جثم على ثروات بلادنا عقوداً طويلة.. سرق ثرواتها.. وزرع أرضها فتناً وشراكاً.. وأخّر تنميتها، وترك بذوراً نحصد أشواكها حتى اليوم.

أما الغرب الذى اقصده بأنه قد أتانا منه بالأمس ما يسر القلب فهو «ليبيا» الحبيبة، وشعبها الشقيق الذى يحق له أخيرا أن يفرح، فبعد أكثر من عام من المفاوضات العسيرة وصلت الأطراف الليبية «المتفاوضة»، ولن أقول المتناحرة، إلى التوقيع على اتفاق سياسى بامتياز فى مدينة «الصخيرات» بالمملكة المغربية أعلنت خلاله «غالبية» الأطراف عن موافقتها على الشكل الذى اقترحته الأمم المتحدة.

وطبعاً لا يوجد اتفاق سياسى «يرضى جميع الاطراف»، ولاشك ان هناك اعتراضات ومحاولات متواصلة للإفشال، لكن «عدم الاتفاق» فى ظل الظروف الامنية الصعبة التى تعصف بوحدة ليبيا، والمناخ الذى يسود المنطقة يعنى تأكيدا أن البديل لعدم الاتفاق هو «الكارثة».

واعتقد اننا فى مصر نشعر بنفس السعادة التى يشعر بها أشقاؤنا فى ليبيا، فاستمرار الوضع الأمنى المتردى والتناحر بين الفصائل الليبية كان ينعكس سلباً وبشدة علينا فى مصر على أصعدة عدة أهمها الحزن على دماء الاشقاء التى تسال على يد الاشقاء، ثم يأتى بعد ذلك افتقاد الامن وتدفق الاخوة الليبيين ضيوفاً أعزاء على أبناء المحروسة، ليلتحقوا بأشقائنا من فلسطين والعراق واليمن وسوريا والسودان.. الذين وجد الملايين منهم فى مصر المرفأ والأمن والأمان حتى بلغ عددهم قرابة 5 ملايين ضيف.. ولا أقول لاجئ، فهم فى بلادهم وبين أهليهم.

كذلك انعكس الوضع فى ليبيا على الاقتصاد المصرى، فتراجعت الصادرات المصرية، وخسر مئات الآلاف من المصريين العاملين فى ليبيا أعمالهم، ناهيك عن اضطراب الوضع الأمنى على أطول حدود مشتركة لمصر، والبالغة أكثر من ألف كيلو متر مع ليبيا، استنزفت الكثير من الجهد والمال «لضبطها» ومنع تسلل «المخربين» عبرها.

والمهم الآن أن نتعامل فى مصر مع الوضع الجديد والمتمثل فى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التوافقية، واعتماد برلمان «طبرق» كهيئة تشريعية، وتأسيس مجلس أعلى للدولة الليبية، ونسعى إلى إعادة العلاقات الى المستوى الطبيعى لها، ونتحرك على جميع الأصعدة للمشاركة فى إعادة التعمير لما دمرته مرحلة «الفوضى الأمنية التى غرقت فيها ليبيا منذ الإطاحة بالقذافى وحتى الآن»، وأن يتم تجاوز جميع عوامل التوتر التى «سممت» أجواء العلاقات التاريخية بين الشقيقتين.

وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.