أخيراً.. الحل فى سيناء "عسكرى" !بقلم : محمود الشربينى
--------------------------------------------------
قبل أن نقرأ: لم أصدق عينى وأنا أقرأ إسمه بين الحضور! لم أتوقع أن يجد بين مهامه و مسئولياته العسكريه الجسيمه وقتاً، أو حتى قدرةً ..على المتابعة بل الحضور والمشاركه فى مثل هذه الأمور!
الفريق أسامه عسكر ، أسد " عسكر" مصر فى سيناء،وبجواره وزيرة التعاون الدولى ( الجميله كما يصفونها!) سحر نصر ووفد من الحكومه والقوات المسلحه المصريه، يقودون مفاوضات مهمه مع المؤسسات الماليه الكويتيه والعربيه ، لإطلاق مشروع عملاق لتنمية شبه الجزيرة الخطيره .. سيناء الحبيبه.. التى تكاد تصبح جرحاً نازفاً فى جسد الوطن منذ ثورة يناير!(أكان مقصوداً أن تتحول سيناء إلى هذا العبء والأزمه ، وأن تبقى حاضرة كشوكه فى الخاصره، لهذا الوطن..أمس واليوم وغداً؟من يفكر معى .. ويشاركنى أفكارى- أو فى الحقيقه مخاوفى- "السوداء" هذه عن سيناء؟)
نحن الآن أمام لحظه مختلفه واجبة التسجيل والتوثيق، فقد قدمت الحكومه المصريه دراسات متعدده لاقامة مشروعات تنمويه متكامله فى سيناء ، تلك البقعه المهمه جغرافياً وتاريخيا لمصر.. والتى أصبحت فى الوقت الحاضر تتردد على كل الألسنه، فى كل مكان فى العالم.
أنا لاأجيد الغناء،ولكنى أحياناً أكتب وأنا أنصت فى قلبى لأهازيج وطنيه وحماسيه لها علاقه بما يلح علىّ لكتابته، تماما كما أنصت الآن ل "شاديه" وهى تشدو: سينا رجعت (كامله) لينا.. و للكورال وهو يغنى: سينا ياسينا باسم الله باسم الله.. كما أسمع أيضاً عمنا "نجم"يبكى: لاتقولى سينا وماسيناشي / متدوشناشي /ماستميت أتوبيس ماشي / شايلين انفار.. !! موسيقى مبدعه تغنى فى داخلك ، لايمكنك أن تمنعها من الدندنه " جوّاك".. تحيط بك وتمسك بحواسك.. رغم أن الأمر فى قمة الجديه !
سيناء .. الأغنيه .. المأساه.. الوجيعه والانتصار .. الجغرافيه والتاريخ والحقيقه التائهه والأسطوره المُعَذِبَهْ لنا، كونها تبدو أكبر من إستيعابنا..هل ستجد الحل أخيرا؟!(هل الصحيح أن سيناء تجد الحل أم أن الحل لدينا فى سيناء؟)
خسرنا سيناء فى 67 ومازلنا نخسر منها أراضٍ بعد نصر أكتوبر 73 ، ولكننا فوق خسارة الأراضى خسرنا الكثير فى سيناء .. خسرنا بعض الحلم وبعض الأمن وبعض الناس! كثيراً ما تحدثنا عن سيناء أرض الفيروز.. وعن كنوز سيناء وثروات سيناء.. وتعمير سيناء والتوسع والتمدد العمرانى فيها بحيث تستعصى على الانتزاع وعلى الانسلاخ من الوطن ، ولكن كل هذا بقي فى اطار الاحلام والتمنيات. لم يحدث ان حولنا كلامنا واهازيجنا عن سيناء الاسطوره الى حقيقه.. اكتفينا بالغناء ، وفى عهد مبارك - اللامبارك- لم يغن الموج على الأرغول فى سيناء ، فقط عزف الموال الحزين على ناى الحزن!لم تكتب قصيده على سبورة مدرسه جديده هناك؟ لم تفتتح عياده او مستوصف.. لم تحفر بئر مياه للشرب .. لم يدخل منهم أحد الجيش ،بل عولج أبناء سيناء على أيدي الإسرائيليين، وبعضهم "تعاون" - أو تخابر-معهم كعايد سليمان بطل فاجعة "نواب الكيف"!
لاأجيد الغناء، و" مبغنيش عليكم".. عندما أردد بعض الأناشيد الوطنيه ، فالأخبار السيئه لازالت تداهمنا ، وأسوأها وأخطرها عن إستمرار إنخفاض إيرادات قناة السويس، أهم مصادرنا الماليه من العملات الصعبه-و كان المتوقع زيادتها بعد إفتتاح المجري الثانى للقناه!! - ولا أكتمكم أننى لا أصدق أن السبب يعود إلى انخفاض حركة التجاره العالميه فى هذا الوقت،و الاقتصاديين مطالبون بإجراء دراسات مقارنه بين الايرادات الحاليه، ونظيراتها فى نفس الوقت من السنه الماضيه.. لنتأكد من صحة مايقال لنا عن أسباب عدم حدوث طفرة فى العائدات المتوقعه مع تشغيل المجرى الاضافى!
لا بأس ..لاتيأسوا من رحمة الله ، فعلى الطريق الآن "أسامه عسكر" .. وصحبه ، ومهندسون وخبراء مدنيون وعسكريون يقدمون مشروعات جديده ، لاشك أنها تمثل إضافه لمصر.. من بينها مشروع تنمية سيناء هذا ، الذي تقود الكويت مفاوضات عربيه ودوليه من أجل إيجاد التمويل اللازم له والذي يتجاوز الأربعة مليارات دولار تقريباً.
تجربة " عسكرة" الدوله وملئها بالقيادات العسكريه فى فترة الحلم الناصرى، كان للتاريخ فيها كلام كثير ، فليسوا كلهم " ثروت عكاشه" أو "عبد اللطيف البغدادي" أو حتى "كمال الدين حسين" و"خالد محيى الدين".. فكثيرون لم يكونوا عوناً للتجربه الناصريه، ولكن المقارنه بين " عسكرة" الماضي و" عسكرة " الحاضر لم يعد لها مكان الآن ، وقد يجب التوقف -عنها-وعندها مستقبلاً! فالعسكريون فى عصرنا الحديث أصبحوا أكثر علماً ودراسه، يحملون الدكتوراه من جامعات العالم ، وساعدت حالة الاسترخاء العسكرى على خوضهم معارك "ميدانيه" فى مجالات الانشاء والتعمير ،وظهر هذا بوضوح فى قطاعات النقل والطرق والجسور .. ومشروعات زراعيه وتنمويه وغذائيه تساهم فى تحقيق الأمن الغذائى الذي أصبح أصعب منالاً من العمله الصعبه، وبوضوح أقول أن السبب المباشر فى ماجرى هو النزيف الذى ننزفه مع إرهاب "الإخوان المفسدين" ، الذين أخذونا إلى طريق العنف والدمار والخراب، وباتوا يتمنون لمصر الجديده كل خراب ودمار ولو على حساب ضياع مصر وتمزق جيشها ،والدليل على هذا ، أنهم يتحدثون عن "جيشهم" الذي يتمنون له أن ينشق على الصف، و" جيشنا" الذي يناصبونه العداء منذ اندلاع ثورة يونيو فى مصر!
ثمة سبب آخر وهو أن المصريين لم يعودوا يعملون بكامل طاقتهم الآن! المدارس تنعى طلابها والمدرسون تفرغوا للدروس الخصوصيه ، والموظفون لاينتظمون فى اعمالهم ويغيبون بالعشرات عن مواقعهم ، ومسئولوا الاحياء غابوا عن المتابعه وإيجاد حلول مبتكره للمشكلات الجماهيريه ،والناس بالجمله ينامون فجراً ولايستيقظون إلا عند الظهر واستهوتهم حياة نجوم السينما!
- بعد أن قرأت: طبيعى أن يتقدم "العسكر" ويتصدى ، فالجيش هو الأوحد الآن فى الميدان، وهوالأكثر إنضباطاً وتماسكاً عن غيره من المؤسسات ، فيما " يتراجع "المدنيون و يعيشون إسترخاءً لامبرر له .. ومن هنا تأتى أهمية مفاوضات الكويت من أجل تنميه تأخرت مصر فيها كثيراً ..وربما يقدم لنا أسود " عسكر" أخيراً "حلاً" فى سيناء.. أو بمعنى أدق يجدون الحل لسيناء!