طيب!!!

كتاتيب

..وزير الأوقاف د.محمد مختار جمعة انتبه أخيراً إلى أن «الكتاتيب» فى بر مصر «مختطفة» من قبل الجماعات المختلفة، وأعلنها صريحة مدوية أنه منح هذه «الكتاتيب» مهلة لـ «تقنين» أوضاعها خلال 90 يوماً.. ماذا وإلا!.. صراحة لا أدرى ما سيفعل الرجل! ولكن المهم أنه وضع شروطاً «قاسية» حتى يستعيد معامل تفريخ المتشددين من أيدى الجماعات المتطرفة، أهمها: «أن يكون انتماء القائم على «الكُتَّاب» لله والوطن بعيداً عن الانتماء للجماعات المتطرفة»! أيضا لا أعرف كيف سيتأكد!

طبعاً نتمنى التوفيق لمعالى الوزير فى مسعاه الحميد، ولكن الأمر أكبر من ذلك.. فعلى مدى عقود طويلة تم منح تراخيص «الكتاتيب» والمعاهد الدينية لكل من يريد، بدعوى أنها أماكن لتحفيظ القرآن دون تدقيق على توجهات من يقف وراءها، ولا مدى التزامها بـ «المنهج الوسطى»، فتحولت باباً خلفياً واسعاً «للنقش» في عقول غضة وزرع مفاهيم ومعتقدات فى صدور أطفال يصعب تغييرها أو تصويبها بعد ذلك، وأعلن د.جمعة أن عام 2016 سيشهد افتتاح 2000 «كُتَّاب» عصرى،.. وهو ما يبدو خطوة على الطريق الصحيح لإصلاح نظام التعليم كله، والبدء بسد الثغرات التي يتم من خلالها «تفريخ» المتطرفين.

والمطلوب بالفعل أن تعود «الكتاتيب» فى الريف والصعيد إلى تحقيق الأهداف التى وجدت لتحقيقها وهى تحفيظ النشء كتاب الله، وزرع قيم ومثل ومبادئ الإسلام الحق الوسطى، وبذر بذور السلوك القويم والأخلاق السوية، وإعداد حفظة للقرآن وسطيي الاتجاه بعيدين عن التشدد، وتجهيز دعاة غير متطرفين، إضافة الى تعليم الأطفال مبادئ القراءة والحساب والكمبيوتر ومهارات التعلم المبسطة، .. والأكثر أهمية من تطوير «شكل» الكُتَّاب، أو استبدال الكمبيوترات اللوحية بالسبورة الخشبية، هو اختيار وإعداد «مُعلم الكُتَّاب»، الذى يعتبر النموذج المبكر، والقدوة الأولى لطفل ما قبل المدرسة، والذى يؤثر فى شخصيته تأثيراً كبيراً، وهو الشخص القادر على توجيه مفاهيم الطفل نحو التشدد أو تمهيد طريقه للمنهج الوسطى.

إن عودة «الكتاتيب» بشكل حديث، وإعداد القائمين عليها إعداداً جيداً، والرقابة عليها، هي من أهم أسس إصلاح الخطاب الدينى في مصر ومواجهة التطرف والإرهاب، ويجب ألا يعوق ذلك نقص فى التمويل، أو قصور فى الرؤية أو ظروف سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية تمر بها البلاد.

..وفّق الله ولاة الأمر الى تطوير الكتاتيب، و«استعادة» المختطف منها، وإعادتها لدورها كمراكز شديدة الأهمية لتحفيظ القرآن وتعليم مبادئ القراءة والكتابة، والحساب، وزرع القيم والسلوك السوى فى عقول أطفال يمرون بمرحلة عمرية هى الأخطر فى تشكيل الوعى والثقافة، وما «يحفر» خلالها.. يصعب جداً أن يمحوه أحد.

وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.

حسام فتحي