النيل «ما» جاشى!

بقلم: حسام فتحي

.. هل سيأتى يوم على المصريين ليغنوا «النيل مجاشى» بدلا من النيل نجاشى حليوه أسمر عجب للونه دهب ومرمر.. رائعة عبدالوهاب وأحمد شوقى؟!


وهل سيمر على المحروسة يوم.. لا يجد المسافر فيه زاده.. لا خيالاً ولا غير خيال، ولا تجد الريح همسات تقولها للنخيل العطش.. وتتحقق نبوءة الشاعر محمود حسن اسماعيل «شابت على أرضه الليالى.. وضيعت عمرها الجبال».
ما يحدث حول شريان حياة مصر والمصريين يغرقنا فى علامات استفهام تطلب رداً عاجلا وواضحا فى مسألة هى بحق.. حياة أو موت.


.. لا أحد يجيب.. فيضطر كل مهموم بالوطن ان يتحول الى باحث فى شؤون المياه، ومنقب فى اتفاقيات تقسيمها، وعلاقات دول المنبع ببلاد المصب! وماذا نفعل والخبراء مختلفون بين أقصى اليمين وآخر اليسار، بين «حكومى» مطمئن يطمئن الــ100 مليون مصرى بأن كل الامور تحت السيطرة،.. وبين معارض رافض خائف على مصر والمصريين أن تنجح المؤامرة ونصحو يوما على حقيقة «جفاف» النهر الخالد وغور مائه وخراب مصر.. ووقتها يكون الآوان قد فات!


قبل أيام رفضت اثيوبيا عقد اجتماع عاجل لبحث ازمة تراجع المكاتب الاستشارية الدولية المنفذة للدراسات الفنية لسد النهضة عن ارسال عروضها الى اللجنة الثلاثية المكونة من مصر والسودان واثيوبيا، وواصلت اديس أبابا بناء السد، وواصلنا نحن الصراخ على الفضائيات!


يأتى ذلك التصرف قبل ساعات من بدء المفاوضات السداسية المقرر ان تنعقد غدا الجمعة 11 ديسمبر فى الخرطوم، ووسط تصاعد اصوات «لعلماء» أجلاء امثال الاستاذ الدكتور نادر نور الدين استاذ الموارد المائية بكلية الزراعة جامعة القاهرة، وصاحب اهم كتب عن نهر النيل والخبير الأهم فى مجاله، والذى «بح» صوته محذرا من التراخى فى التعامل مع اهم قضايانا.


وفى هذا التوقيت «شديد الحساسية»، تتم إحالة «ملف» أزمة سد النهضة الى مستشارة الرئيس للأمن القومى السفيرة فايزة أبو النجا دونما تفسير، هل اصبح الامر «فجأة» مسألة أمن قومى؟.. طيب اومال كان ايه قبل كده؟.. أم ان وزير الرى ورجاله «فشلوا» فى ادارة الملف فتم سحبه.. طيب ما تكلفة هذا الفشل؟


هل ذلك اشارة الى فشل المفاوضات وبالتالى انتقال «الملف» الى مستوى مختلف من التعامل، خاصة بعد ان كشفت الوثائق ان مصر استطاعت إيقاف ووأد «فكرة» السد خلال عهود عبدالناصر والسادات.. وحتى مبارك.. وذلك «بالتلميح» الى ان مصر لن تتردد فى القيام بعمل «عسكرى» محدود لحماية امنها المائى وشريان حياتها وهو ما اكده وزير الرى السابق د.محمد نصر الدين علام الذى قال: «لابد ان تستعمل مصر القوة للحفاظ على حقوقها من خطر السد الاثيوبى»!.. و«ان مصر دخلت مرحلة قبول الامر الواقع»!!


اتمنى من المتحدث باسم ملف النهضة السيد علاء ياسين ان يسرع من تواتر البيانات التى تشرح للناس ما تواجهه مصر فى هذه الازمة المصيرية حتى لا نضطر للتحول جميعا إلى «باحثين» أو «مفتين» فى الشؤون المائية!!