خدوهم ورا مصنع العصير"!- بقلم : محمود الشربينى
--------------------------------------------------------
قبل أن نقرأ:من أحلى واجمل التعبيرات الساخره الشائعه بيننا هذه الأيام تعبير " خدوهم ورا مصنع الكراسى"!جمله ساخره جميله مختصره، تجعلك تفكر وتفكر.. فى أمور كثيره: من هم الذين " إتاخدوا ورامصنع الكراسى"، و"مين اللى أخدهم وهايعمل فيهم إيه" وفوق هذا كله : لماذا؟ لماذايؤخذ من يؤخذ خلف مصنع الكراسى تحديداً؟ أرجوك لاتسألنى عن إجابات لهذه الاسئله، فهى أسئله واسعة الحيله ،يستخدمها المصريون اللطفاء خفيفى الدم( ودمى أثقل من أن أَزِنَه!) ،وأكاد أقول أن ملايين المصريين ( ماشاء الله حققنا رقم التسعين !) قادرين على استنباط مايحلو لهم من معانى وافكار وتحليلات مدهشه ومثيره لمغزى هذه الجمله الأثيره: "خدوهم ورا مصنع الكراسى"؟
ربما كان المقصود بالأخذ "ضيوفاً" هبطوا فجأه ودون موعد على شخص ما ، فلما لم يكن عدد الكراسى فى بيته يكفىهم ، فانه قرر ان يتخلص من إحراجه ، بأن " ياخدهم ورا مصنع الكراسى"!ربما! ربما نعم.. وربما لا.. وربما كان الأمر يتعلق ببعض اللصوص الذين حاولواسرقة منزل ما، فلما شعرأصحابه بهم ،وأمسكوا بخناقهم " اخدوهم خلف مصنع الكراسى" ليؤدبوهم ..إعتقادا منهم أن ذلك أفضل،إعتماداًعلى الخيارات العديده التى تتيحها لهم البقايا المتخلفه عن ناتج صنع الكراسى،فمنها"خيزرانات" تصلح لتأديب الجسم، وقطع خشبيه تصلح لتكسير رؤوس" قللات الأدب .. عدمات الحيا".. وربما كان مصنع الكراسى ممن تدخل الجلود فى مكونات انتاجه،فيتبقى منها قطع تشبه الكرابيج( السودانى) أو السيور.. سميكةً أورفيعة.. تعيد إلى الأذهان عصر " الزخمه".. التى كان الاساتذه والمدرسون - وفى القلب منهم ابى رحمه الله- يلهبون بها مؤخرات التلاميذ بأنواعهم :المتقاعسون عن الاداء الحماسي فى طوابير الصباح.الغشاشون أثناء الامتحانات. الهاربون من المدرسه كل أحد ،( فى سبعينيات القرن الماضي)لمشاهدة اليوم المفتوح ،فى تليفزيون القهوه البعيده نسبياً عن المدرسه،والتى كان المدير يقصدها، كلما شعر بان الصفوف الدراسيه خاويه ، فكان يجد ضالته فى " لّمْ " التلاميذ بحركه مباغته ، وهو يتوعد" ولاد ال..... بالخرزانه، أن فكروا فى الهروب من الدراسه.
ربما صَحَتْ إفتراضاتى أوأخطأت، لكن الذي أدعوكم اليه اليوم .. الآن .. وفوراً هو أن تستبدلوا بمصنع "العصير" مصنع "الكراسى" .. وبلا ابطاء وبلا تأخير أو خجل! صحيح أنه يمكن عمل " ميكس" من " المصنعين" معاً لظروف ومبررات ستعرفونها حالاً أن صبرتم على سطورى تلك، حتى تأخذكم إلى المكان الذى أريدكم أن تذهبوا إليه بمن ينبغى "أخذهم وراء مصنع الكراسي".
لماذا أدعوكم لكى " تاخدوهم ورا مصنع العصير"؟! ببساطه لكى نرى فيهم عجائب قدرة " الزُخْمـَه"..أوالكرباج "السودانى".. وهو " بيلسوع" على ظهر "حرامى جوامع"، أو "الخرزانه" وهى تهوي على أم رأس أحد البلطجيه ، أو المنتج الأشهر المعروف باسم " أبو ورده "، وهو يهوى فوق رأس "متحرش" فى أتوبيس، (أظن أنهم كانوا يفضلون واحداً يحمل رقم 888 ، الذي كان يذهب من رمسيس رأساً الى أم المصريين والمنيب ونحو ذلك فى تلك الأيام!)
لماذا مصنع العصير؟ ومن هم الذين يجب أن تاخذونهم " ورا مصنع العصير"؟ سؤالان وجيهان.. إنهم أصحاب "مصنع العصير" أنفسهم!!.. نعم فالواجب أن يؤخذوا أخذ عزيز مقتدر مرتين .. الأولى " ورا" مصنع العصير " والثانيه "داخل" مصنع العصير نفسه! بل وفى قلبه .. فى كل ركن عفن نتن قذر من أرجائه .. فى كل نقطة ماء سوداء ملوثه بالروث والقاذورات ، إمتلأ بها حوض التلوث المكسور، الذي ينتج قيحاً وصديداً يسمونه عصيراً.. كذب المنتنون ولو صنعوا منه عصيراً مصفى!
لماذا مصنع العصير وأين هو هذا الشيء بل هذا" القيء"؟!أما لماذا فذلك لأن أصحابه المجرمون فاقوا فى جرمهم وعارهم وقبحهم وسفالتهم كل هؤلاء الذين وجب أخذهم "ورا مصنع الكراسي"( لصوص الجوامع والبلطجيه والمتحرشين بالنسوان فى أتوبيس 888 ) فاستحقوا "اللسعوه" بالكرباج السودانى، وضرب البلطجيه " اللى ماكلوش حمار فى مطلع" وجرسة وفضيحة متحرشي الاتوبيسات بفعل " أبو ورده" الاشهر!
أما أين هو ففي الحقيقه انا لم أصدق نفسي وانا أشاهد صوره المقززه البشعه التى مهما حاولت ان ارسم صورتها فسيعجز قلمى قبل قلبى، عن نقل صوره قلميه لكم عما شاهدته من صور ( مصنع العصير!!) الذي يوصف كذباً بأنه "مصنع" وهو فى الحقيقه " مبوله"أوانبوبة مجاري وصرف صحى قذره ،تنتج موادٍ أقذر وأعفن وأعطن توضع فى عبوات اوسخ وأدل سبيلاً ! عبوات قذره سابقة الاستخدام ، يعاد وضعها فى مياه عطنه راكده سابقة الاستخدام أيضاً..تشبه المخاط ،وبقايا سقط "الممجهضه" ، موصوله بخراطيم إلى مكابس ومحابس يوضع فيها" العطن مجمدا" فينزل منها عبر الخراطيم، التى تفوق فى وساختها خراطيم مكائن تشحيم السيارات، إلى العبوات المغموسه فى المخاط إياه، سائلا مصفر اللون ، مخلوطا بالدود والزباله والبقايا ،مع مياه المجاري والسكر البنى والاحواض المتكسره التى ران عليها " الجَلَخْ"، وتكلست القذاره على جنباتها!بشاعه تفوق الحدود .. ووضاعه يصعب تخيل تمتع أي بنى آدم بها! اهكذا تكون الحال فى مصر ؟ أهكذا يكون الفساد وسوء إستغلال حالة الترهل فى الجهاز الاداري والمحلى؟ أهذا هو مايكافأ به الناس فى صحتهم ؟ هل يمكننى أن أتخيل إبنى شادي، وشيقه مازن، وكبيرهم محمداً وهم يشربون مثل هذا القيء؟ هل أسامح نفسي وأنا أشتري لهم المسرطنات بأموالى؟ هل اسامح نفسي ؟ إننى كلما شاهدت الصور التى نقلتها صحيفة الوفد - التى أغفلت اسم المصنع كما هى الحال فى التعامل الصحفى مع هذه "الموبقات" خشية الملاحقات القضائيه، باعتبار ان الصحيفه جهة إخبار وليست جهة تحقيق- تقززت واقشعر بدنى وتذكرت كميات العصير التى ادخل بها على أولادي باعتبارها من لوازم وضرورات الحياه اليوميه. أسال نفسي فى كل مره تلوح الصور المقززه التى شاهدتها للمصنع الكارثى ، ومثله الاف تنشأ تحت " بير السلم" المشهوره فى المحروسه والتى نادراً مايطولها القانون ورجاله ( الشرفاء).. فى كل مره اسأل نفسي: كم ضيفاً زارنى وأكرمته وقدمت له هذا الواجب المسموم؟ وهل هذا مما يليق ؟هذا المقال تعوزه الصور الصادمه التى شاهدتها، ولكن عزائى انكم قد تتخيلون مع، مايحدث الآن من مصانع " بير السلم" التى لارقيب ولاحسيب عليها، ومهما فعلنا لايمكن لنا ان نحصرها فقد أصبحت مثل المافيا المتوغله فى مجتمعنا ولايمكننا أن نفعل إزاءها شيئاً، اللهم إلا إذا كفت حناجر مسئولينا عن النفاق والطنطنه والعجيج بأن الوطن بخير وأنه يتعافى وأن المفسدين حتما سيكسر القانون انوفهم ومرغهم فى تراب يستحقونه!
بعد أن قرأتم : يقيناً فإن كل هذه الموبقات تجعلنا ننتحب فى أسي على مانهدره من صحتنا وأموالنا لصالح زمره فاسده تجردت من كل مشاعر الانسانيه والجمال وتحلت بقبح لامثيل له ،واحالت حياتنا جحيماً وزادتها إعتاماً فوق عتمتها!
ياساده: مصر ليست منيره ولا مضيئه بكل هذا القبح الذي نسمح بوجوده وببقائه من دون حمله تنسفه نسفاً من جذوره. ألا لعنة الله على كل من يعتم مصر بمثل هذه الظلمه . لعنة الله على كل من يبدد طاقة الوطن فى معارك فاشيه، وصراعات طائفيه وعرقيه ودينيه وسياسيه، تثخن جراح الناس وتبدد أحلامهم فى حياة صحيحه وكريمه ، وصحيه ونقيه ونظيفه ، لامكان فيها لمصانع تصنع الموت والسرطان، وتبيعه للناس ، وتأخذنا نحن جميعاً " ورا مصنع الكراسي والعصير معاً" بدلاً من المجرمين الحقيقيين الذين يستحقون هذا المصير!