نصف الكوب الملآن - بقلم: حسام فتحي


بغض النظر عن اللوعة والاندهاش، والصدمة و«الانكماش»، والاستغراب والاستوحاش، التى صاحبت النجاح الساحق الماحق لمفجر ثورة 30 يونيو، خبير تزغيط دكر البط، والعارف بعدد أعواد الجرجير فى حزمته، ومكان الأوز فى ترعته، والمشتاق للبرسيم فى ربطته، الخبير الحائز على أعلى أصوات الانتخابات البرلمانية، وزميله المستشار أبيض الشعر والقلب، عف اللسان، واضح البيان، ونجله المحروس، النابه الفلحوس، الكاشفة ملامحه لكل امارات الذكاء، والناطقة قسماته بجميع علامات الدهاء، ومع الاحترام لمن انتخب هؤلاء.. كل هؤلاء.. دعونا ننظر الى نصف الكوب الملآن!!

لقد شهدت الانتخابات البرلمانية فوز 73 امرأة لأول مرة فى تاريخها، مما ينم عن وعى الشعب بدورها ومشاركتها فى الاستحقاقات المهمة فى خريطة الطريق، وتصدرها المشهد السياسي فى معركة شرسة نافست فيها الرجل، وأيضاً فوز 36 مسيحيا، ومع وجود الوجوه البرلمانية الراشدة مثل النائب المحترم فؤاد بدراوى ومن يشابهه، وليكن ما حدث درسا قاسيا لكل النخب التى تقطعت صلاتها بقواعد الشعب وانعزلت عنه، ودرسا لكل المثقفين الذين ابتعدوا عن الناس واحتموا بأبراجهم العاجية فى جزرهم المنعزلة، وخاطبوا غالبية غير موجودة، وشعبا افتراضيا تخيلوا انه مازال يعيش معهم فى ستينيات القرن الماضى.. وما أدراك ما الستينيات؟!

انتهت الانتخابات او كادت، ونتمنى أن تدار العلاقة بين السلطات الثلاث بمستوى يتناسب ويتواءم مع احتياجات المرحلة الصعبة والدقيقة التى تمر بها مصر، والتحديات الجسام التى تواجهها فى ظل ما تمر به المنطقة من احداث ساخنة قد تعصف بمقدراتها ومستقبلها، ولا يعرف منتهاها سوى الله عز وجل.

ودعونا نواصل النظر الى نصف الكوب الملآن، مع القراءة السريعة للنتائج، والتى اشارت الى تراجع التأثير والوزن النسبي لقوى كانت تتحكم فى السابق فى نتائج الانتخابات، وترسم خريطة المجلس النيابى، وعلى رأسها العائلة والقبيلة وجماعات الدين السياسى، ولنا فى اسماء كبيرة غابت عن المشهد السياسى وأحزاب دينية انكشفت قوتها الحقيقية، خير أمثلة.

أيام ويكتمل الاستحقاق الثالث، ويمارس مجلس النواب عمله، ويضطلع بمسؤولياته التاريخية هذه المرة، ونتمنى لجميع نواب الامة التوفيق والسداد، وأن يكونوا على قدر المسؤولية الكبيرة الملقاة على عواتقهم، ونتعشم خيرا فى أن يستمر هذا المجلس لمدة كاملة، ويكفى أعضاءه فخرا أن أحدا لن يتهمهم بأنهم جاءوا بالتزوير، أو تسويد البطاقات، أو تزييف رأى الناس، وأصوات الأموات قبل الأحياء.. هو مجلس اختاره شعبنا بما له وما عليه وان شاء الله سيكونون عند حسن الظن.

وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء