قبل أن تقرأ:أضيئوا مصر أيها الساده،فمازالت أرجاؤها "معتمه"!
-----------------
ذهبت إلى مجمع التحرير بعد شهرين من ثورة يناير 2011 فوجدت ضابط الجوازات ودوداً متحملاً تأفف وتأوه طوابير "المتنمرين"- أو المتفرعنين-لأى خطأ يُقدِمْ عليه، كما هى الحال فى مواقع عديده مختلفه، بعد ثورة الشعب على شرطته الفاسده فى جمعة غضبه !
بمرور الوقت، وبعد الهلع المصاحب لسقوط الشرطه، وإدراك الناس الحاجه للأمن - حتى فى زمن " إلإخوان" الحالمين بإسقاط شرطة "السيسي" الآن -لم يكن ممكناً للناس أن يظلوا" متنمرين"لرجال الأمن،ومتنكرين لتضحياتهم الجليله، فوجب أن يقروا بدورهم فى حمايتهم،ف"أعادوا" لهم الهيبه التى كسروها من قبل . لكن فى المقابل لم يغتنم هؤلاء الفرصه لصياغة علاقه جديده مع الشعب، تنسف تاريخاً سبق أن جعلوه حافلاً بكل الخطايا والذنوب، وتكتب تاريخاًجديداً مضيئاً، يليق بمصر الثوره،أهم سطوره الاحترام المتبادل! و يبدو لى أنهم لم يتمكنوا من ذلك بسب ثقافة مجتمعنا(أو سِلْو بلدنا كما يقولون) الطاعن فى "العبوديه" و"الفرعنه" فى وقت واحد. هذه الثقافه المزدوجه والمتناقضه ، هى من أعادت صياغة شكل العلاقه بين الطرفين مجدداً!كثير من المصريين لايزالون يخشون المرور بجوار قسم الشرطه! إحساس دفين بالخوف ينهشهم من الداخل ، يدعوهم للإبتعاد!!هؤلاء يتعاملون مع "العسكري" كإصبع ديناميت قابل للإنفجار فى أي لحظه،ولديهم إستعداد لعمل عجين الفلاحه، فى قسم الشرطه، إن قادهم حظهم التعس إلى دخوله، لكى لا يغضبوا حضرة "الصول" ، أو "الأمباشي" !
فى مقابل الشعوربالعبوديه، هناك شعور بأن بعض المصريين"ساقوا ف الفرعنه"،وربما تصوروا أنفسهم دولة داخل الدوله، فأثاروا حفيظة الشرطه.لقد صَدَروا لهم هذا الإحساس، وخلقوا لهم هذا"التار البايت" مع الشرطه!
يحمل بعض "العصبحيه" كلاشينكوفا وجرينوفاً يمرقون به كالسهم أمام نقطة شرطه، ربما لم تكن مستعده لمشهد كهذا فى السابق..ويمعن "بلطجى" فى فرض أتاوات على قريته الصغيره، ويتحدي الشرطه ، حتى أنه قد يذهب الى سرادق عزاء مدججاً بالاسلحه.. معتقداً ان هذه بطوله ،وحتما فالمواجهه المؤجله تنتهى بالقتل فى مطارده، وربما فى قسم شرطه !
وفى نفس الوقت هناك من لايزال بيننا،مستعدياً المجتمع كله على جهاز الشرطه، زاعماً بأنه فاسد بالجمله !والحقيقه أننا فى أوقات مختلفه نجد تعاملا راقياً من كثيرين، ربما إختلف الحال داخل قسم الشرطه، حيث يغيب الرقيب ، وحيث يشعر الشرطى انه فى فى حاجه لإحساسه بهيبته وقوته وانه قادر على ممارسة مهامه وإنتزاع المعلومات، بحيث يجب على "أهل القسم وعشيرته" أن يباهوا بأن" اللى بِيْشَرفوا عالقسم ماياخدوش غلوه فى إيديهم ، من خالد سعيد فى الاسكندريه إلى عمرو أبوشنب فى شبين القناطر"!!
أصبحت الشرطه مجدداً- وبرغبة المواطن وأملا منه فى إستعادة الامن والإستقرار(وبالطبع الاحترام)-الأعلى كعباً مرةً أخرى، على الشعب،حتى فى أيام مرسى، شاهدنا &<700;يديوهات مؤسفه،ابطالها يتحدثون لضباطهم عن الشعب ب" جلافه" وتواصل الحال فى عهد الرئيس السيسي، وسقط ضحايا بالجمله فى اسبوع واحد ، احدهم من القليوبيه، من طحانوب، حيث دخل قسم شرطة شبين القناطر "عتلاً"و خرج منه جثةً هامدةً.. والثانى فى الاقصر وقد ذاعت قصته ،والثالث من الاسماعيليه وآذت حكايته -والآخرون- أسماع الرئيس ، ومؤيديه ،حتى أنه أصدر ولأول مره البيان الرئاسي الخاص بوقف 30 ضابطاً و20 أمين شرطه وخمس أفراد شرطة عن العمل فى محافظات مختلفة وتحديد إقامتهم لحين انتهاءالتحقيقات فى التهم الموجهة إليهم بانتهاك حقوق المواطنين!
الرئيس كان متوازنا فى رد فعله، ففى اليوم التالى ذهب للقاء ضباط المستقبل فى أكاديمية الشرطه،واثنى هناك على تضحيات الشرطه المصريه ودورها فى مكافحة الارهاب ،واعادة الامن الى البلاد، وهو أمر لاينكره الا كل من لديه عوار سياسي فى قلبه وعقله معاً!
لكن هل الرئيس فى حاجه الى مثل هذا التوازن؟ أنا من "الخبثاء الذين يرون أنه لم يكن واجباً أن يكون هناك هذا التوازن، فمشاعر الغضب التى تصاعدت فى المحافظات الثلاث، وامتدت إلى الأخريات، كانت تستوجب منه أن ينأى بنفسه عن هؤلاء جميعاً واشباههم فى جهاز الشرطه، وإن يترك المهمه لوزيره للأمن ، مع تعليمات مشدده ، باتباع قواعد صارمه فى التفتيش القضائى مع المخالفين الذين لايحترمون آدمية المواطنين، ولايؤمنون بان المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته، وفوق هذا وذاك ، فإن هنالك حقوقاً حتى للمجرمين ، لايجوز انتهاكها، ولو بسبب "فرعنة" بعضهم .. وإنفجار مواسير بذاءاتهم ، وترويعهم وبلطجتهم فى مصر بعد الثوره!
مالذي يجعل وزير الداخليه يستغرق وقتاً طويلاً فى مواجهة ضابط ارتكب جرماً، واتهم بجريمة تعذيب او ضرب أفضي الى موت؟ لماذا يترك فرصه للالسنه لتجعل من "الحبه قبه"؟ مالذي يضيره ان يعلن فورا وقفهم عن العمل وتحويل الوقائع الى التفتيش القضائى بالوزاره،فى الوقت الذي تقوم فيه النيابه بالتحقيقات اللازمه !
بعد أن قرأتم :هل مصر "منوره" بأهلها فعلا؟ فما الذي تفعلونه لتضيئوا مصر؟لو انكم فعلتم لنسفتم ثقافة التعذيب من قاموسنا الأمنى.. والمجتمعى!
أضيئوا مصر بالحقائق وبتغيير المفاهيم الباليه التى لم تعد تصلح لعصرنا، والتى تخصم من رصيد دولتنا الجديده التى نحلم بها بعد الثوره!