للعلم والعلماء ورجال الدين مكانة عظيمة في الدين وفضل كبير لا يكاد يحصر ويكفيهم شرفا وتكريما أن الله تعالى رفع شأنهم فجعلهم أهل خشيته من بين خلقه،
رجال الدين والانغماس في السياسة! مجدي طلبة للعلم والعلماء ورجال الدين مكانة عظيمة في الدين وفضل كبير لا يكاد يحصر ويكفيهم شرفا وتكريما أن الله تعالى رفع شأنهم فجعلهم أهل خشيته من بين خلقه، ويقول ابن القيم "العلماء هم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء، بهم يهتدي الحيران في الظلماء وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب"، ومن ثم فإنه ينبغي أن يوفيهم الناس حقهم الكامل من التعظيم والتقدير والإجلال. لا جدال في أن التعظيم والتوقير للعلماء ورجال الدين نابع أساسا من احترام وتوقير العلم الذي يحملونه في عقولهم غير أن ما يدعو للأسف والحزن هو انغماس بعض علماء ورجال الدين في الشئون والأمور السياسية إلى الحد الذي جعل الكثيرين يتجرؤون عليهم ويسخرون منهم عبر برامج الـ "توك شو" وشبكات التواصل الاجتماعي المتعددة على خلفية فتاواهم وآرائهم السياسية، ولم يشفع لهم علمهم الغزير وقدرهم الكبير في أن يسلموا من الاساءة والتجريح وأحيانا السباب والإهانات. أدلى الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب مؤخرا بتصريحات مثيرة للجدل على خلفية عزوف الناخبين عن المشاركة في الجولة الثانية والأخيرة من انتخابات مجلس النواب التي أجريت مؤخرا في عدد من المحافظات المصرية، حيث دعا الناخبين إلى التوجه إلى مراكز الاقتراع والإدلاء بأصواتهم في العملية الانتخابية ووصف المقاطعين بأنهم "عاقون لآبائهم وأمهاتهم لأن مصر الآن بمثابة أم لنا جميعا". صحيح أن هذه ليست المرة الأولى التي يدلي فيها الإمام الأكبر بتصريحات سياسية، كما أنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها للانتقاد الحاد والإساءة على شبكات التواصل الاجتماعي، غير أن تعرضه للإساءة والتجريح على برامج الـ "توك شو" عبر قنوات فضائية مؤيدة للنظام الحاكم الحالي تعد سابقة هي الأولى من نوعها حيث تم نعته بأوصاف مهينة لا يمكن اطلاقها بأي حال من الأحوال على عالم ورجل دين مهما بلغت درجة الخلاف السياسي معه. من المؤكد أن الإمام الأكبر، إلى جانب عدد آخر من رجال الدين، يتحملون قدرا كبيرا من المسئولية في هذا الأمر نظرا لانغماسهم الشديد في العملية السياسية في البلاد، بيد أنه إذا قبلنا نحن المصريين اهانة أكبر وأهم رجل دين في مصر إذن فعلينا أن لا نلوم غيرنا اذا أقدم على الفعل ذاته. العلماء ورجال الدين يشبهون الفراشات التي توشك أن تحرق نفسها بالاقتراب من النار حينما يتركون الساحة الدينية التي يجيدون اللعب فيها ويسمحون لأنفسهم بالانخراط في اللعبة السياسية التي لا يفقهون فيها الكثير ولا يدركون ألاعيبها ومخاطرها، واذا أرادو حقا أن يحفظ لهم الناس قدرهم واحترامهم فلا مناص أمامهم من النأي بأنفسهم عن اللعبة السياسية ورفض محاولات استخدامهم كأداة في يد الحكام.