.. فاجأني الصحافي الشاب بوابل من الأسئلة: ما تصنيفك للدولة التي «يهز» رجل أعمال وبضع شركات صرافة نظامها المالي؟ .. وماذا تقول في حضارة 7 آلاف سنة التي استطاع منتج سينمائي واحد أن يغير سلوك الشارع فيها؟ .. وما تفسيرك لعدم احترام الإعلام الخاص لعقلية وكرامة وذكاء «شعب متدين بطبعه»؟.. وكيف لا يحاكم من جعلوا البلد الذي كان منارة للعلم في المنطقة، وصاحب أعرق الجامعات.. يصبح في المرتبة الـ 139 بين 144 دولة، لا يفصله عن المركز الأخير سوى 5 دول، لا يجوز ذكرها حفاظا على كرامتنا؟.. وكيف تفسر نجاح هذه الأسماء التي نجحت في المرحلة الأولى للبرلمان وبعضهم من الراقصين على أشلائنا، والآكلين على جميع الموائد ومضحكي الملك وأصغر أفراد حاشيته؟.. ولماذا تجرأت دويلات لم يكن يقام لها وزن على مقام مصر وقيمتها؟

وإلى أين نحن ذاهبون.. ضاقت الصدور.. وزاغت العيون ويئست النفوس.. وخارت القوى.. وخبت الهمم فماذا أنتم فاعلون؟.. يا أخي احنا دولة هشة وطرية ولّا صلبة وعميقة.. ولّا أيه بالضبط؟

.. نظرت إلى عينيه مباشرة، وقلت له: انتهيت من بث همومك.. ولواعجك.. وشكواك؟

يا سيدي.. لا أنا ولا غيري نملك كل الإجابات.. عن كل الأسئلة، ولكن دعني أوضح لك ما أعتقد وأترك لك حرية القبول أو الرفض.. هناك رد موجز ومختصر على كل ما قلت، وما لم تقل: «التعليم».. نعم أصلح نظام التعليم، ووفر لأبنائنا تعليما سليما.. محترما.. نافعا أضمن لك إصلاح مصر بعد 16 عاما أو أقل. أما أسئلتك التفصيلية فيا صديقي الشاب المتفجر غضبا، رجل الأعمال الذي تقصده ليس وحده بل يمثل فكرا وتنظيما وجماعة تسانده، لكن السؤال هو هل حقا «هو» وحده من فعل ذلك؟ الإجابة قطعا، لا.. وعلينا أن نصر على معرفة الأسباب الحقيقية.

وأطمئنك بأن حضارة الـ 7 آلاف سنة لم تلوثها أفلام المنتج إياه، ولكن لوثها من ييسر لأفلامه ونماذجه المناخ الذي تنجح فيه.

أما الإعلام.. فهمه ثقيل وعبئه كبير، لكنه أيضا أحد مخرجات عصر مبارك، وجل نجوم الفضائيات رجاله، ولم يفعلوا سوى تغيير «الأنغام».. لكنهم يستخدمون نفس الآلات الموسيقية.. وعندما «يتعلم» الشعب سيلفظهم لا محالة.

.. نأتي لبيت القصيد كيف أصبح ترتيبنا 139 بين 144 دولة في مقياس جودة التعليم؟ الإجابة يا سيدي لقد أقنعوا من حكمونا 30 عاما بأن الشعب الجاهل شعب سهل القيادة والانقياد.. فكان ما نحن فيه، من مرشحين يستحقهم الناخبون، ودويلات تتجرأ علينا وهيبة نحاول استعادتها.

الأمل.. كل الأمل في عودة الوعي بأن يتم إصلاح نظام التعليم وفورا.. وأن يكون ذلك هو المشروع القومي الحقيقي الذي تلتف حوله مصر كلها.

وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.