دماء...
بقلم/أسامة أبوزيد
قالت لهم امهم بعد أن اشتدت الخلافات بينهم: كثر زرعكم وأثمر شجركم، وما خلافاتكم إلا عين شريرة حاسدة أصابتكم. رشوا الملح في غرفكم وأمام بيوتكم. نظر بعضهم الى بعض. نهضوا، رشوا الملح بخجل واستحياء.
زادت خلافاتهم. طلبت منهم ان يذبحوا خروفا ويغمسوا أكفهم في دمه ويطبعوها على الابواب. واصلت حديثها وهي تستعد لصلاة العشاء: العين الشريرة مازالت تلاحقكم. اقضوا عليها بالدماء. استجابوا لتعليمات أمهم. طبعوا أكفهم على الابواب. وزعوا اللحم. ناموا باطمئنان.
ذات صباح قريب، جاء من أقصى البلدة يلهث: جدتي، جدتي، الحقي، أبي وعمي يتشاجران في الحقل. مزقا ثيابهما، وسالت الدماء من جسديهما. ركبت حمارها. انطلقت الى هناك مخترقة الزرع وأشجار النخيل يتبعها اثنان من اولادها.
قالت وهم يلتفون حولها: عين الحسود مازالت تطاردكم. اذبحوا عجلا هذه المرة، وسأحضر ذبحه. كان عجلا سمينا. يقف في زهو وكبرياء وسط الصبية والفتيات. الجزار يختال متحديا مشهرا سكينه. اقتربت منه. وضعت يدها على رأسه وراحت تتلو بعض الاوراد. انتفض. ثار، نطحها، أسقطها أرضا. اخرج أوسطهم مسدسه، أطلقه على رأسه، خر مضرجا في دمائه، أسرعوا بنقلها الى المستشفى بين الموت والحياة...