بعد فترة من الغياب يعود الزميل حسام فتحي لكتابة مقاله اليومي ليطل عليكم عبر موقع (مصريون في الكويت www.egkw.com).. اهلا بالزميل حسام..
طيب!!!
معركة وجود
بقلم: حسام فتحي
.. عدنا وأدعو الله أن يكون «العود أحمد»، توقفت عن كتابة عمودي اليومي «... طيب!!!» منذ شهور لظروف، تضافرت، وتجمعت.. ضاغطة في اتجاه التوقف، فكانت استراحة محارب إجبارية، لإعادة ترتيب الأوراق، وإعطاء العقل فرصة لمزيد من الهدوء.
وبعد كثير من الرؤية والتحليل والتبصر والتدبر والاستماع والتفكير، أتمنى أن تجدوا ـ قرائي الأعزاء ـ في هذه المساحة الصغيرة ما يستحق استثمار وقتكم الثمين في قراءتها!
.. أيام قليلة ويصبح لدينا برلمان منتخب، ومجلس نواب أدعو الله خاشعا.. خائفا.. مذعورا.. مرتجفا.. وجلًا.. أن يكون مجلسا محترما، يمثل مصر وشعب مصر وحضارة مصر ويليق بالتضحيات التي بذلت والدماء الزكية التي سالت.. ويناسب الطموح الكبير الذي يحمله المصريون لبلدهم ولأبنائهم، ويلائم التحديات والصعاب والأوضاع الداخلية الساخنة، والإقليمية الملتهبة، والدولية الملتبسة، التي نمر بها.. نحن والمنطقة والعالم.
مجلس النواب، هذا الاستحقاق الثالث والمهم بعد الانتخابات الرئاسية والدستور يشكل تحديا شديد الخصوصية لكل مصري، ولكل فرد من أفراد هذا الشعب ليثبت أنه يستحق أن يكون مصريا..
فـ «المصريون» في الحكومة واللجنة العليا للانتخابات عليهم عبء تطبيق القانون وإلزام الجميع به.
و«المصريون» في الأحزاب والقوائم وملاعب القوى السياسية القديمة والجديدة، التي استفادت من الفساد والإفساد، وتلك التي تتطلع لـ«الاستفادة» منهما، وكذلك السياسيون الجدد «الأطهار» الذين يسعون لما يعتقدون أنه في صالح «مصر»... كل هؤلاء وأولئك عليهم احترام القانون والتضحية بأي مكاسب تأتي بالطرق الملوَّثة والملوِّثة القديمة، التي نعرفها جميعا، والتي كادت تفسد مجتمعا بأسره وأجيالا بأكملها، وأن يحاولوا التمسك بروح القوانين وجوهر العادات ولب العقيدة، لإرساء حياة سياسية سليمة، والحصول على «نائب» محترم، يمثل الشعب - ولا يمثل عليه، ويشرع القوانين.. ولا يخرق شراعها، ويراقب الحكومة ولا يسعى لنيل رضاها و«توقيعات» وزرائها!
جربنا نواب «الوثني» وبرلمان «اللحى».. وقبلهما نواب «الكيف».. ونواب «القروض» ونواب «الدجاج الفاسد» و«الدم الفاسد»، بل ونواب «بلا دم» أصلا!.. وتعايشنا مع كل ذلك حتى انفجرنا في وجه الجميع.
.. أما «المصريون» المواطنون العاديون، أبناء هذه الأرض الطيبة، فهم محور الأمر كله، وهم من بيدهم مفاتيح الأمر الانتخابي، وخريطة المجلس الجديد، وعليهم العبء الأكبر، وما لم «ينصلح حالهم»، وتستقم أمورهم، ويغيروا ما «بأنفسهم»، فلا فائدة من قانون صالح، ولا تطبيق صارم، ولا رئيس ذي عزم، ولا حكومة رشيدة، ولا إعلام محترم!
أرجو كل مصري أن يحسم أمره، ويحسن الاختيار، ويضع مستقبل أولاده أمام عينيه، ويسأل نفسه سؤالا واحدا: هل أريد لأبنائي وطنا محترما يعيشون فيه؟ فإذا تردد للحظة.. فسوف يستمر الحال على ما هو عليه من فساد وإفساد، وتدمير ودمار في كل مناحي حياتنا، وستتواصل الدائرة المفرغة التي ندور فيها، ونجتذب فلذات أكبادنا اليها، وسيبقى المصريون لقمة سهلة للفاسدين.. ومرتعا للأوبئة والأمراض، ومعملا لتجارب التعليم المتخلف.. وينتهي الحال بشبابهم «وليمة» لأسماك البحر المتوسط!
.. أما إذا استعادوا كبرياءهم وعزتهم، وتصدوا لمرشحي السكر والزيت، ولأموال كل فاسد أثرى من دمائهم، وتضخمت ثروته من أمراضهم، واغترف من مستقبل أبنائهم، ساعتها سيتمكنون من التصدي لكل «عز» يراهن على حاجتهم، وسحق كل «سما» لا تعترف بقيمتهم!
حفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.