خطاب مفتوح
 
إلى معالي الوزير «أبوالغيط»:

 مطلوب نظام أساسي موحَّد لمجالس الجاليات المصرية في الدول الشقيقة والصديقة

أسلوب ومنهج تشكيل المجلس الجديد للجالية تراجع عن الديموقراطية

أرسل الخطاب: الجورنالجي: محمد مرعي

الخبير الإعلامي والكاتب الصحافي

معالي الوزير أحمد أبوالغيط وزير الخارجية:

نتابع ما تنشره «الأهرام» بقلمكم تحت عنوان «شاهد على السلام» وتفاصيل المعركة التي دارت على جبهة السلام بعد أن تحقق الانتصار غير المسبوق على جبهة القتال في حرب أكتوبر/ رمضان المجيدة.

إن ما يسجله قلمكم يؤكد الترابط والتلازم بين القتال والسياسة؛  فالسياسة قبل الحرب ضرورة، وبعد الحرب أيضا ضرورة، ولست في حاجة للتأكيد على إعجابنا وتقديرنا لشهادتكم.. وتقديرنا لدور مصر.. الوطن الذي يسكن قلوبنا وعيوننا.

معالي الوزير أحمد أبوالغيط:

ما دفعني إلى الكتابة إليكم شيء آخر غير ما جرى وما يجري في انتخابات مجلس الشعب التي عشناها أخيرًا.. أكتب إليكم عن تشكيل مجلس جديد للجالية المصرية في الكويت، وما صاحب تشكيل المجلس.

وبدايةً، وقبل أن ندخل إلى صميم ما نريد وضعه أمامكم اسمح لنا أن نشارككم في تقديم التهنئة إلى أعضاء المجلس الجديد، فمنهم إخوة وزملاء وأبناء نعتز ونرحب بهم، فليس لدينا اعتراض على أيٍّ منهم.. لكن اعتراضنا على منهج اختيارهم وعلى أسلوب تشكيل المجلس الجديد.. نحن على ثقة أن الكثير منهم جديرون للعمل كأعضاء في مجلس الجالية.. لكن يا معالي الوزير دعني أقول لكم:

إن أسلوب ومنهج اختيارهم يمثل تراجعاً عن مبدأ الديموقراطية التي نتمناها ويتمناها شعبنا في الوطن الأم.. أسلوب اختيار الأعضاء الجدد لمجلس الجالية الجديد يمثل خروجاً على المفاهيم الأصيلة للديموقراطية وتراجعاً عن ممارستها.

معالي الوزير أحمد أبوالغيط:

ربما يضع بعضهم أمامكم أن اعتراضي على أسلوب اختيار وتشكيل المجلس الجديد راجع إلى أنني لست عضواً فيه.. لكن اسمح لي يا معالي الوزير أن أضع أمامكم حقيقة أعلنتها قبل انتهاء عمل المجلس الذي تشرفت بعضويته.. هذه الحقيقة أعلنتها أمام كثيرين، ومنهم أعضاء في المجلس الجديد.. «إنني لن أتقدم للترشيح رغبة مني واقتناعاً بضرورة ترك المجال لجيل الشباب من الأجيال التي جاءت نتيجة انتصار أكتوبر»، وهو نفس المبدأ الذي نادى به الرئيس الراحل أنور السادات (يرحمه الله).

معالي الوزير أحمد أبوالغيط

إذا كنتم تقدمون فيما تنشره «الأهرام» شهادة لـ: «شاهد على السلام»، فأرجو أن تسمح لي أن أقدم شهادة عن «جالية مصر في الكويت» عبر ما يقرب من نصف قرن.. وعلاقتها بمدارس عديدة من الديبلوماسية المصرية التي مثلتنا في الكويت الشقيقة.. وذلك على النحو التالي:

1 - مرَّ على تشكيل مجلس الجالية المصرية في الكويت منذ أن كان «اللجنة العامة للجالية المصرية في الكويت» الى أن أصبح مجلساً أكثر من 43 عاماً.

2 - عاصرت بداية تشكيل اللجنة العامة للجالية المصرية في الكويت بدعوة من واحد من روَّاد العمل الديبلوماسي المصري، وهو السيد السفير «سميح أنور» خلال عمله كسفير في الكويت، والذي تولى بعد ذلك العمل كسفير لمصر في لندن وكوزير للخارجية.

3 - كان الهدف من الدعوة لتشكيل اللجنة العامة للجالية تنظيم عملية جمع التبرعات التي سارع إليها أبناء الجالية المصرية العاملة في الكويت لإعادة بناء القوات المسلحة المصرية في أعقاب هزيمة 1967.. وهي هزيمة كما تعلمون لا نستحقها وانتصار لا يستحقه العدو.

4 - في ضوء ما سبق يشرفني أن أتقدم لكم بالتالي:

أولا: التحقق من آلية اختيار الأخوة والزملاء والأبناء الأعضاء، فيما يسمى بـ «المجلس الجديد لمجلس الجالية».

ثانيا: التحقق مما قيل تبريراً لاستبعاد أو اختيار بعض الأسماء..  إن عملية الاختيار والاستبعاد تمت في ضوء «رؤية جهات أمنية في مصر.. مما دفع بعض المستبعدين إلى المطالبة بمعرفة الأسباب التي استبعدوا بسببها».

ثالثا: إن مجالس الجاليات المصرية في الدول الشقيقة والصديقة أصبحت ضرورة، وكنت دائماً أنطلق في النظر إليها على اعتبار أن مجالس الجاليات تمثل جسراً أو محوراً من محاور العمل الديبلوماسي الشعبي، والذي يشكل قاعدة أو استكمالاً للعمل الديبلوماسي الرسمي في تدعيم العلاقات المتميزة بين الوطن الأم الذي يسكن قلوبنا وعيوننا والدول الشقيقة أو الصديقة التي نتواجد فيها.

وفي ضوء هذه القناعة تصبح هذه المجالس ضرورة.. وأنه مر على تشكيلها أكثر من أربعة عقود، فإننا نتمنى منكم العمل على وضع نظام موحد لمجالس الجاليات المصرية في الدول الشقيقة والصديقة يحدد بموجبه:

* النظام الأساسي لهذه المجالس: أهدافها.

* الهياكل والوحدات المكونة لها.

* اختصاصاتها.

* آلية العمل بها.

* المبادئ التي تحكم العلاقة بين مجالس الجالية والسادة السفير/ أو القنصل العام.

معالي الوزير أحمد أبوالغيط:

عقب عودتي من أداء فريضة الحج لفت نظري تصريح للسيد الأمين العام للمجلس، ورغم عدم تشرفي باللقاء معه أو عدم تعرفي عليه، فالدلائل والمعلومات المتوافرة عن سيادته تؤكد كفاءته وعمق تجربته.. يشكر فيه السيد القنصل العام الذي أعاد الوحدة أو التلاحم أو الفاعلية الى الجالية المصرية بالكويت.. وأرجو أن تسمح لي يا معالي الوزير في تأكيد حقيقتين في ضوء معرفتي واقترابي ومعايشتي للجالية المصرية بالكويت:

الحقيقة الأولى:

دعنا نتحفظ يا معالي الوزير على هذا التصريح؛ فالجالية المصرية بخير.. وهي محل تقدير واحترام، وتتميز بالتفاهم والفاعلية والتماسك.. ووضح ذلك في مواقف كثيرة لعل من أبرزها على سبيل المثال لا الحصر:

- الاندفاع الذاتي إلى مساندة المجهود الحربي الذي صاحب إعادة بناء قواتنا المسلحة في أعقاب معركة 1967 مع العدو الإسرائيلي دون أن يطلب منها أحد.

- الاندفاع الذاتي إلى المساهمة في بناء مقر السفارة المصرية الحالي استشعاراً من أفراد الجالية بواجبهم وتأكيداً للتلاحم بينهم وبين الديبلوماسية المصرية ممثلة في البعثات الديبلوماسية التي تعاقبت على الكويت.

- لقد أدت الجالية المصرية في الكويت منذ تواجدت على أرض الكويت حتى الآن دورها في بناء علاقات أخوية ومتميزة بين مصر وشقيقتها دولة الكويت.. جسد هذه العلاقات الدم المصري دفاعاً عن الكويت ضد الغزو الذي تعرضت له الكويت في الثاني من أغسطس 1990 حتى تحرير الكويت الذي مر عليه الآن عشرون عاماً.. إلى جانب ما سبق من وقوف مصر الى جوار شقيقتها الكويت ضد تهديد عبدالكريم قاسم عام 1961 الذي يتمثل في عدم الاعتراف بالكويت دولة مستقلة ذات سيادة وانها جزء لا يتجزأ من العراق.

وجسد العلاقات الأخوية والمتميزة بين الدولتين أيضا الدم الكويتي دفاعاً عن مصر ضد العدوان الثلاثي، حيث تطوع العديد من أبناء الكويت الدارسين في الجامعات المصرية وفي حرب يونيو 1967 وحرب أكتوبر المجيدة في 1973.

- تميزت الجالية المصرية في الكويت عبر تاريخها بوجود كفاءات على درجة عالية من التميز في كل المجالات، وهناك أسماء عديدة يمثل أصحابها رموزاً لا حصر لها، ويكفي أن نستعرض نماذجاً لها:

الأستاذ الدكتور أحمد زكي، أول رئيس تحرير لمجلة العربي، والأستاذ أحمد بهاء الدين، ثاني رئيس تحرير لمجلة العربي، والأستاذ الدكتور عثمان خليل عثمان، الخبير الدستوري الذي شارك العبقري الدكتور عبدالرزاق السنهوري في وضع دستور الكويت، والأستاذ الدكتور عبدالفتاح إسماعيل، أول مدير لجامعة الكويت، والذي شارك في تأسيسها، والأستاذ الدكتور عبدالعزيز كامل، مستشار سمو أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، والذي شغل أيضا منصب مدير جامعة الكويت، والأستاذ الدكتور عبدالوهاب البرلسي، والأستاذ الدكتور وحيد رأفت، والأستاذ الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، إلى جانب أن الجالية المصرية أو الديبلوماسية المصرية قدمت لمصر عدداً من الوزراء أذكر منهم أيضا على سبيل المثال لا الحصر:

الدكتور أحمد زكي، والسفير سميح أنور، والدكتور عبدالوهاب البرلسي، والدكتور عبدالعزيز كامل، والدكتور أحمد كمال أبوالمجد، والسيد مصطفى عبدالقادر، أول وزير تنمية محلية، والسيد حبيب العادلي وزير الداخلية.

الحقيقة الثانية:

لقد عاصرت كل مدارس الديبلوماسية المصرية التي مثلت مصر في الكويت منذ أول سفير مصري جاء إلى الكويت حتى السيد السفير طاهر فرحات.. وأشهد أن كل هذه المدارس كانت حريصة على الجالية المصرية وعلى وحدتها وترابطها وفي خدمتها.

إذن.. الجالية المصرية بخير ووحدتها قائمة ومستمرة، ولم تضعف أو تتخاذل في يوم من الأيام.. والتلاحم بين أبنائها راسخ ومتين.

وختاماً.. يا معالي الوزير أحمد أبوالغيط، لك تحياتي وتقديري وشكري.