سارعا بترتيب حقيبتهما ومغادرة الفندق قبل شروق الشمس. انتهى شهر العسل. استقلا سيارتهما مفضلين أن يسلكا الطريق الزراعي رغم بطئه وتعرجه. انطلقا بمحاذاة الترعة الواسعة التي انتصبت على حوافها الاشجار. على الجانب الاخر بدت الحقول الخضراء على امتداد البصر تداعبها موجات الهواء البارد فراحت تتراقص طربا.
 
ضبط موجة الراديو على اذاعة الاغاني القديمة. راحا يرددان مع العندليب الاسمر كلمات احدى اغنياته الطويلة التي يعشقانها. قال لها وعيناه تعانق عينيها: ليتنا نظل معا الى الابد.
 
قالت هامسة: نعم، ليتنا لا نفترق مدى الحياة. قال جادا: لن يفرقنا سوى الموت.واصلت همسها: ليتني اموت قبلك. قال منزعجا: ان شاء الله اموت قبلك. قالت متخلية عن همسها: اخشى غدر الموت ومرارة الفراق. واصلا الاستماع الى العندليب. سألته: ماذا ستفعل لو فقدتني بالموت؟ قال مستعيذا بالله: الحياة من دونك ستكون عذابا.
 
لا اظن انني ساعيش بعدك كثيرا. واصل حديثه: ليتنا نموت معا فلا اتعذب لفقدك ولا تتعذبي لفقدي. تعانقت عيونهما طويلا. فاجأهما انحناء الطريق الحاد. ضغط بقوة على الفرامل مديرا عجلة القيادة ناحية اليسار. كاد يصطدم بسيارة مقابلة. ارتد بالعجلة الى اليمين. انحدرت السيارة ناحية الترعة. ضغط بعنف على الفرامل دون جدوى.
 
 واصلت السيارة انحدارها. فتح الباب المجاور وقفز. واصلت السيارة انحدارها. أوقفها عند حافة الماء اصدامها بإحدى الاشجار...