مصر .. من " التبعيه" الي "الاستقلال"!بقلم : محمود الشربيني
----------------------------------------------------------------------------
-قبل ان تقرأ:" ونحن بخير لاتنقصنا غير..// مشاهدة القرده..// من أبناء يهوذا ..// في أقنعة المستشرق والمستغرب..// بجوازات السفر الصادره بأورشاليم // والمنسوخه في باريس.."
- تلك كانت نبوءة صاحب ال" بروتوكولات" و" الأميات " الشاعر الفنان "نجيب سرور".. نبوءة قال فيها ان " الصهاينه سيجلسون علي مقهي ريش" فقد جاءوا فعلا وجلسوا " علي المقهي -كما يقول عبده جبير- ويمددون ارجلهم باسترخاء". 
تحققت النبوءة ، لكن  نجيب سرور لم يذهب قبل ان يكتب لنا ايضا محذرا: لكن اسالكم باسم " الكلمة "/ باسم ابن الخطاب/ ان تلتفتوا دوما للخلف/ وتعطوا الظهر الي المِحْراب / لتكون جميع الصلوات ..صلاة الخوف.. مادام الأعداء هنالك .. بالزرد اللامع والسيف// 
ويقينا فإننا حتي وقت قريب لم نحْذَّ&<619;رْ ولم نلتفت للخلف.. ربما الان نقيم  بعضا من "صلوات الخوف " !
***************************
غاصت مصر ( السادات ومبارك)في عقود العطن والتبعيه لاميركا واوربا ، دون ان تقيم يوما صلاة" الخوف" كما حذرنا او -دعانا- نجيب سرور.. وفاضت بحيرات العطن الكريهه عن آخرها زمن "حسني مبارك"..وتحت وطأة الغول الأميركي  و" تغَولِه" علينا،، وقهر "بياداته" العسكريه للقرارات المصريه عقب الثوره الينايريه العظيمه، استمرت سياساتنا " العطنه" وغرقنا في مستنقع التبعيه.. وتجلي ذلك في إنزال الطائرة العسكريه الاميركيه "إياها" في مطار القاهره الدولي ، جارحة كبرياء المصريين، وهي تجبرهم علي اخراج الأميركيين المتهمين في قضية " التمويل الأجنبي" فورا من مصر، ليرحلوا علي متنها معززين مكرمين  وبدون إبطاء او تلكؤ!! تاركين لنا الذلة والمهانة والمسكنه!!ويبدو انه كان مقدرا ان يخلع "الاخوان المفسدون" علي هذا "المستنقع" صفة "العطن الشرعي"، وان يخفوا روائحه الكريهه ببعض العبير ، هنا وهناك، عَل َّ الرائحة لاتزكم الأنوف .. ولكن هيهات!
إجراءات مصر التصحيحية في 6/30 // و 7/3 كانت بداية طريق مختلف ، سارت فيه مصر في مسار آخر.. اتأمله الان ، فأجد منه مايليق ببلدي، فنحن - لمن يغفل او يتغافل- لم نعد نتكالب اليوم علي " الشحاته" من أميركا تحت لافتة" المعونه الاميركيه".. فالحاصل ان مصر كانت تتلقاها بانتظام زمن " مبارك".. ولم ينتقص الأميركيون منها شيئا سوي 200 مليون دولار ، عقابا له علي سياساته اللاديمقراطية، وقاموا بتوجيهها الي "مكاتب" ومنظمات دعم الديمقراطية وحقوق الانسان في مصر.. ولم نعد نسمع من اي مسئول مصري او أميركي  مايفيد بان القاهره"تلقت المساعدات المقررة  بموجب اتفاقيات كامب ديفيد..والتي كانت تتلقاها باستمرار في عهد حسني،وبلغ اجماليها 28 مليار دولار، وكان آخر مبلغ حدده اوباما في ميزانية 2010  لتقديمه لمصر هو ( 1.555 مليار دولار) منها 1.3 مساعدات عسكرية.
ومع ان الاقتصاد المصري في أمس الحاجه الي كل دولار الآن، فإننا منذ ذلك الوقت لم نعد نسمع شيئا عن المعونه الاميركيه. بل يلفت النظر انه لم يعد هناك حديث عنها والمخاوف الناجمة عن وقفها، والتي كانت هاجسا يطارد الكثيرين !هناك الكثير من الشواهد علي ان أميركا" تتمنع" ومصر "لاتطلب" او علي الأقل لاتريق ماء وجهها، بل اننا اذا نظرنا الي الوضع الكارثي الراهن في سيناء، والحرب الضاريه التي يخوضها الجيش المصري ضد الاٍرهاب ،نجد ان الحديث عن "الشق العسكري" من المعونه والبالغ حوالي 815  مليون دولار ، نجده ايضا  خافض الصوت!؟ )هل هذا متعمد ؟ هل هذا باتفاق الطرفين ؟ هل يتم تنفيذه سرا؟)كل الذي نعلمه ان الاتفاق العسكري يمضي بتثاقل شديد، في لحظه تحتاج الي ذروة في التحرك ، ذلك انه وعلي الرغم من ان أميركا تزعم انها تقود تحالفا دوليا ضد تنظيم " داعش"  ( والغبراء)وهم  كل الجماعات الارهابيه من "القاعدة" الي" جماعة " النصره"، مايعني ان كل جهد عسكري في اي مكان في العالم ضد هذا " الفجور الداعشي- الإرهابي " يجب ان يكون محل ترحيب ، لامحل تعويق ، الا ان أميركا لم تساند مصر عندما شنت عملية عسكرية لامتصاص الغضبة الشعبية ، بعد مقتل مواطنيها ال22-" في ليبيا!! ان لم تكن قد أبلغتها ضمنا عبر ماجري في مجلس الأمن - برفضها الضربه التي وجهتها مصر ل"دواعش الفجورعلي الاراضي الليبيه"
 ثمة دليل اخر علي ان المعونه الاميركيه لاتسير في إطارها المرسوم سلفا، فحاجة مصر الي طائرات" الأباتشي" ذات الطبيعه الخاصه في التعامل مع العصابات والجماعات الارهابيه كشفت عن عمق الخلاف السياسي بين الأميركيين  ونظام الحكم الحالي ، وفاء لسابق تعاقداتهم  مع نظام  حكم الاخوان الساقط ..فقد احتجزت أميركا طائرات الأباتشي لديها شهورا طويله دون ان تجري لها الصيانه المطلوبه ولم تسلمها لمصر الا بعد عناء شديد.. وكأنها تريد ان تثخن جراح مصر في سيناء!
إلي ماذا يؤشر هذا؟ وإلي ماذا يؤشر انفتاح مصر علي " روسيا" بعد غياب طويل؟ وعلي " الصين" وايضاً الاتجاه صوب "الفرنسيين" الباحثين عن مصالحهم ؟انه يؤشر الي ان مصر في اعتقادي تدرك تماما ابعاد المخطط الأميركي الرامي الي اسقاطها كما حدث وسقطت  اهم الدول ألعربيه من حيث ألقوه  العسكريه . وكان النجاح المصري في التفاهم مع الجانب الروسي ،رغم محاصرته، وكذلك النجاح في التعاون الفني والتقني مع الصين، ثم تعاقد مصر علي شراء طائرات ال" رافال" الفرنسيه،، بمثابة مسار جديد مختلف تماما تسير فيه مصر السيسي بعيدا عن الركب الاميركي، مايؤذن بانتهاء حقبة التبعيه المصريه للولايات الموحده الاميركيه.
صحيح انني كنت اتمني ان تكون طائرات "الرافال" إضافة  حقيقية للاسطول الحربي المصري، وإنني كنت اتمني الا تكون مصر هي الدولة الأولي في العالم  التي تتعاقد علي شرائها ، لانها معروضه للبيع منذ العام 2009 ، وسبق ان رفضت الكويت عرضا لشرائها آنذاك ، وقامت قائمة المعارضه ، مما أدي لوقف الصفقه، لارتفاع ثمنها، فضلا عن عدم اختبار المقاتلة الفرنسيه عمليا، لكن هكذا السياسه ، فيها صفقات وفيها كثير من الأمور تجري في الكواليس! 
بعد ان قرأت: لو ان مصر مازالت علي تبعيتها للولايات المتحده والغرب لكانت أميركا واوربا " فرشت الارض رمل للسيسي والجنرالات العسكريين".. لو ان نظام السيسي سيحقق لهم ماكان يحققه نظامي السادات وَعَبَد الناصر لكان اخري بهم ان يدعموه بدلا من دعم الاخوان.. لكنهم يدركون انه ليس كذلك ، ولذا فان ثمة حربا بارده بين مصر واميركا واوربا ، قد تشتعل كلما اتسعت الهوه وزادت الفجوه بين السياسات الوطنية والسياسات الكوموبرادوريه"( الاستعماريه).
تبقي كلمه اخيره وهي ان  مصر اليوم تستطيع بعملياتها العسكريه ضد الاٍرهاب في سيناء ان تبسط سيادتها علي ارضها وان تفرض هيبتها وسطوتها،  رغم استمرار سريان بنود معاهدة كامب ديفيد لكن عمليا فان الواقع الان تجاوز هذه الاتفاقيات التي كرست سياسات التبعيه ، واضحت مصر الان في طريقها الي الاستقلال من جديد!