طرقات عنيفة تهز باب الشقة الضيقة. هبت من نومها مفزوعة. اضاءت المصباح الخافت. استندت الى عصاها. خطت خطوات ثقيلة تجاه الباب.
 فتحته. تلفتت يمينا ويسارا. لم تجد احدا. تركته مفتوحا. توضأت. عادت الى غرفتها الصغيرة. اغلقتها هربا من صخب الاطفال. صلت ركعتين.
اخر مرة رأته عندما قبل يدها طالبا منها ان تدعو لهم بالنصر. احتضنته بقوة. دعت له بالعودة غانما.
 تناولت المصحف. قرأت في آل عمرن. عند قوله تعالى (ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون. فرحين بما اتاهم الله من فضله...)
 انهمرت دموعها. استحالت نحيبا. خرق سمعها صوت حفيدتها يناديها: تيتة... تيتة... بابا رجع يا تيتة. اغلقت المصحف على عجل. استندت الى عصاها.
 حاولت النهوض. ضعفت قوتها. حاولت من جديد.
 لم يسعفها جسدها الثقيل. سقطت دون حراك...