طيب!!!

ترخيص.. بالقتل

.. هل سنقطع الشعرة الرفيعة التي تفصل التظاهر المشروع عن الفوضى المرفوضة؟
.. هل سنمحو الخط الفاصل بين الثورة والاستباحة؟
.. هل سنزيل الحدود بين الرغبة في التغيير والدعوات الممجوجة لاسقاط الدولة؟
.. هل سنفتقد البوصلة بين «الحرية».. والتخريب؟
ماذا حدث لنا نحن المصريين؟.. وكيف تحولت «روح ميدان التحرير» إلى كل هذا العنف والعنف المضاد الذي يدفعنا دفعاً الى «دائرة مفرغة» لا نهاية لها، وبئر مظلمة بلا قرار؟
.. لماذا لا نقف بصراحة مع ذواتنا، ونفكر بوضوح فيما آلت إليه أوضاعنا؟
.. في مجتمع ضخم يقترب من المائة مليون كالمجتمع المصري، وفي ظل ظروف عصيبة كالظروف التي تطحننا، يصعب إن لم يستحل ان نتوصل الى صيغ علمية توضح التغيرات التي طرأت على الشخصية المصرية، وسط هذا الكم الهائل من المتغيرات والضغوط التي اخرجت كل المتناقضات في شخصية المصريين، الايثار مع الاثرة، والجشع مع العطاء، والوطنية مع عدم الانتماء، والاكتئاب والتشاؤم مع السعادة والتفاؤل.
والكثير الكثير من السلوكيات المتباينة، لكن اخطر ما حدث هو هذا «العنف» الجامح الذي لم يكن يوماً لصيقاً بالشخصية المصرية، وكان دائماً فعلاً شاذاً مستنكراً.. مستهجناً من الجميع.
أقول ذلك بمناسبة هذه الدعوات الساقطة لقتل «العسكريين»،.. وأيضا ردود الفعل التي تنادي بقتل أصحاب الدعوات الساقطة، ثم إلحاق القول بالفعل واحراق منزل ذلك الاعلامي «النكرة» الذي هدد زوجات الضباط بأن أزواجهن سيقتلون عاجلاً أم آجلا!!.. في تصرف هو الوقاحة بعينها والخيانة مجسدة.. لكن، من أعطى «المواطنين الشرفاء» الحق في احراق بيته؟!! ومن منح كلاً منهم ترخيصاً بقتل من يرى أنه يستحق القتل؟
.. وذاك الاعلامي الذي خرج فخورا يقرأ بياناً أقل ما يوصف به أنه دعوة لاسقاط الدولة المصرية، وعنوان مجسد للخيانة، ويعطي مهلة زمنية للاجانب لمغادرة مصر، وللمستثمرين بسحب أموالهم منها، وللسائحين بعدم الحضور.. وإلا فالقتل مصيرهم جميعا!!.. طبعاً هذا ليس رأياً حتى نناقشه!.. ولا منطقاً حتى نقارعه!.. ولا إعلاماً حتى ننقده! بل هو المعنى الحرفي لكلمة «الخيانة».
ولكن حتى «الخيانة».. لا تعطي الحق ل«المواطنين الشرفاء» بالقصاص من أهل «هذا الشيء» وأقاربه، والدعوة الى قتله حيثما وجد.. ونحره أينما وجد!
لكنه العنف الذي استشرى فينا، والانفلات السلوكي الذي وصل مداه.. وغياب كل قواعد العمل الاعلامي الذي عرفناه، ونسف كل أسس التعامل البشري المنضبط بين أفراد الشعب الواحد مهما اختلفت آراؤهم.. وتنوعت اتجاهاتهم.. وتفرقت رؤاهم.. وتضاربت نظراتهم للمستقبل.
.. يا سادة، لا أمل في نهضتنا من كبوتنا إلا إذا «اقتنعنا» أننا شعب واحد لن يتم اقصاء فصيل منه بالقوة أبداً، ولن نسمح لا بالإقصاء ولا بالتقسيم.
واللهم احفظ مصر وأهلها من كل سوء.

حسام فتحي
hossam@alwatan.com.kw
twitter@hossamfathy66