طيب!!!

فصاحة.. الـ «نتن ياهو»


.. لا شك أن مذبحة صحفيي ورسامي صحيفة «شارلي إبدو» هزت ضمير العالم، وبغض النظر عن أي موقف «سياسي» مسبق، فلا يوجد «إنسان» أياً كانت ديانته أو معتقده يؤيد قتل «بشر» آمنين، دون الدخول في تفاصيل يكمن فيها الشيطان كما يقول المثل الدارج.
ولا شك أيضاً أن مذبحة «شارلي إبدو» وما تبعتها من تحركات تكشف أموراً كثيرة.. وتعطي دروساً عديدة، ومن أهم ما كشفت عنه هذه المشاعر التي تجتاح العالم ويمكن تصنيفها تحت مسمى ظاهرة «الإسلاموفوبيا» التي تتحول تدريجياً إلى «كراهية» كل ما هو مسلم، والصاق الإرهاب بالإسلام، ونظرة سريعة إلى كيفية معالجة وسائل الإعلام العالمية، وتابعتها المحلية نتيحة لقلة الوعي والفهم وارتفاع مستوى «الانقياد»، وغياب وجهة النظر المستقلة، هذه النظرة تكشف لنا كيف تعامل العالم مع أحداث عدة خلال أسابيع قليلة بدءاً من «تسمر» العيون على «معتوه» ومجرم جنائي
 احتجز رهائن في مقهى بمدينة سيدني الاسترالية، وما تبعه من أحداث، وإساءة للمسلمين والمسلمات في استراليا، ومروراً بالهجوم الحقير غير الإنساني الذي قامت به «طالبان – باكستان» على مدرسة أطفال يديرها الجيش في بيشاور وقتل 141 طفلاً وامرأة ورجلاً، وقتل جماعة «بوكوحرام» النيجيرية للعشرات أثناء اختطافها 142 امرأة وطفلاً في قرية بشمال البلاد، ووصولاً إلى مذبحة باريس الأخيرة، ناهيك عن مذابح «النصرة»، وفظائع «داعش».
ردود فعل الإعلام العالمي، والذي يسيطر اليهود على آلته الجبارة للأسف، كانت كلها في اتجاه.. مزج.. ودمج.. وخلط وعجن الإرهاب بالإسلام، حتى تصل الرسالة إلى المتلقي الغربي عموماً أنهما صنوان لاسم واحد، وفي المقابل لا تجد أي خطاب إعلامي إسلامي أو عربي موجه للغرب يشرح ويفسر للغربيين بلغتهم ومفاهيمهم حقيقة الأمر.
هل استوعبت أجهزة إعلامنا في مصر أية دروس مما يحدث؟.. لا اعتقد، فمثلاً سارعت فرنسا إلى الطلب من تلفزيونات العالم و«موقع يوتيوب» الشهير حذف مشاهد قتل الشرطي «المسلم» على الرصيف المقابل لمبنى الصحيفة، بينما نحن «نعيد» ونكرر مشهد مذبحة قسم شرطة «كرداسة»، و«اللواء» المضرج بدمه كمادة أرشيفية مع كل فقرة عن مكافحة الإرهاب!!.. هل هذا تصرف «إعلامي» وإنساني صحيح؟!.. تعلموا من الفرنسيين..
والدرس الثاني جاء من ذلك الـ«نتن ياهو» الذي سارع الى سرقة الاضواء من كل زعماء العالم، وتصدر المسيرة، والقيام بتحويل انتباه العالم نحو «المسلم» الذي احتجز «ابرياء» في متجر «يهودي»،.. واختزل القصة بكل أبعادها في هذا المشهد، وبالتالي سارعت فرنسا كلها لفرض حراسات أمنية مشددة على كل ما هو «يهودي» في باريس، معابد.. مدارس.. مطاعم.. متاجر.. وتحول «الارهابي» نتن ياهو الى مجني عليه يستصرخ العالم ضد «الإرهاب الاسلامي»!!
الجندي في الجيش الاسرائيلي ووحدة النخبة والمشارك في تدمير 14 طائرة بمطار بيروت، وغيرها من العمليات والقتل، اصبح فجأة داعية سلام!!
حقاً ما أفصح الـ «نتن.. ياهو» حين يتحدث عن الإرهاب. وهو نفسه استغل الحدث – رغم عدم دعوته رسميا من فرنسا – وتصدر المشهد، وبعجرفة معتادة دعا يهود فرنسا الى الهجرة لإسرائيل!! والقى خطبة ممجوجة في أكبر «كنيس» يهودي،.. وبـ«وقاحة» اعلن ان «الإرهاب الإسلامي» هو ما يهدد البشرية كلها!!
فماذا فعلنا نحن؟! وماذا فعلت فضائياتنا وأجهزة إعلامنا؟.. وبعثاتنا الدبلوماسية.. و.. ويارب نستفيق مما نحن فيه، ونتعلم كيف نواجه اعداءنا بمثل أسلحتهم.. يارب.
اللهم احفظ مصر وأهلها من كل سوء.

حسام فتحي
hossam@alwatan.com.kw
twitter@hossamfathy66